يسير بائع القهوة الفلسطيني منير الأقطش (56 عاما) على طريق يربط بين رام الله ونابلس يوميا على مدى السنوات الأربع الماضية حاملا وعاء قهوة نحاسي كبير ليبيع المشروب لسائقي السيارات من أجل كسب قوت أسرته.
وأثناء تحضير قهوته العربية ليلا باستخدام حبوب البن المطحونة والهيل فقط، يفكر الأقطش في أن عمله مرهق نظرا للساعات الطوال التي يقضيها على قدميه حاملا وعاء القهوة النحاسي، الذي يحوي أسطوانة مملوءة بالفحم الساخن من أجل الحفاظ على القهوة ساخنة.
ويوضح الأقطش، وهو أب لخمسة أبناء، أن عمله أصبح أكثر إرهاقا بعد ما وصفه بمضايقات المستوطنين على طول الطريق المزدحم الذي يستخدمونه مع الفلسطينيين لأنه يربط العديد من المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
وقال «بصلي الصُبح هون في زعترة وبنزل على حسبة بيتا للتسعة تسعة ونص بفر في الحسبة بترزق وإشي زي هيك. وبرجع بعديها بعد العشرة بكون هون على الشارع الرئيسي بظل لصلاة الظهر، صلاة الظهر بروح بتريح بتغذا وبرجع بعد العصر كمان مرة، بظل للمغرب. كنت قبل أتأخر شوي هسة ما فيه مجال، الأحوال، الطرق، والمستوطنين وإشي زي هيك ما فيه مجال أشتغل الشغل هذا ليلا، يعني بس ساعات النهار ويا دوب كمان».
وأضاف «كان أول يعني الأمور بلشت بدها تمشي أكثر، بس شغلة حوارة وشغلة المستوطنين وبعد الشهيد اللي صار عندنا، صارت خطورة زيادة يعني كل يوم برموا كلمة هون برموا كلمة هون بطسوا عليّ غاز مرات، ضربوا عليّ غاز على وجهي كله شقة وجهي هاي كلها غاز راحت».
وفي فبراير/ شباط، أثار هجوم للمستوطنين في بلدة حوارة في الضفة الغربية، حيث أحرقوا سيارات ومنازل بينما كان فلسطينيون داخلها، إدانة عالمية. ووقع الحادث بعد مقتل شقيقين من مستوطنة قريبة برصاص مسلح فلسطيني.
وأردف الأقطش قائلا «الجيش، الشرطة، تقريبا يعني الأمور سلكت أما المستوطنين أكثر إشي بضايقوا».
وفيما يتعلق بوضعه في حالة حدوث اضطرابات في المنطقة قال الأقطش «إذا حدث أمني بصير بالمنطقة أنا بسحب حالي وبروح لأنه بده يصير يضرب عليك وبده برفع عليك سلاح، أكثر من مرة رفعوا عليَ سلاح اليهود حتى الجنود رفعوا عليَ سلاح وع الولد اللي معاي لحقوه أكثر من مرة، يعني هم بشدوا ع الولد أكثر مني».
وأضاف الأقطش «بعد ما استشهد ابن عمنا وابن عمنا اللزم اللي هون صاحب المحددة، صار الوضع خطير جدا جدا جدا، عشان يعني صاروا الجيش يضايقوا وإشي زي هيك. صاروا يضربوا علينا حجار حتى هم بضربوا حجار علينا من السيارات، صاروا يرفعوا علينا سلاح أكثر من مرة يرفعوا علينا سلاح الجيش بعد شغلة الشهيد لأنه الشهيد يعني انغاظوا من الاشي هذا، فصاروا بدهم يحاولوا قديش بقدروا يخربوا».
ويشيد زبائن الأقطش (أبو صالح) بقهوته التي يقولون إنها لا مثيل لها وتساعدهم على الشعور بالنشاط طوال اليوم.
من هؤلاء راسل عبد الرحيم الذي قال «أبو صالح زلمة (رجل) محترم وقهواته مناح وزلمة طيب، اللي معاه بدفع واللي معوش بدفعش، كريم آدمي كل إشي منيح فيه. بيجي كل يوم الصبح ساعتين زمان بيتسبب وبيقول يا الله».
وحول الوضع على حاجز زعترة أضاف عبد الرحيم «الوضع أسوأ من هيك ما بصيرش، أجيت الصبحيات أنا من الساعة تلاتة على محسوم حوارة ساعتين تا عرفنا ننفد، الوضع سيء لأبعد الحدود، الأسعار ميتة والدنيا مخربشة، الوضع كلياته».
التاجر ماهر سعد قال «أبو صالح قهوته إحنا منعرفش الصبح إلا نتصبح بقهوة أبو صالح. يعني إحنا من التجار اللي بنزلوا الساعة أربعة الصبح على السوق وما بنحب إلا نشرب قهوة أبو صالح عشان نظل طول النهار نشيطين».
وتشهد الأراضي الفلسطينية أوضاعا اقتصادية صعبة بسبب انخفاض المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية والتي تفاقمت بسبب احتجاز إسرائيل لجزء من أموال الضرائب الفلسطينية.
ودفعت وزارة المالية الفلسطينية 85 في المئة فقط من رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين في السلطة الفلسطينية لشهر مايو/ أيار بسبب الأزمة المالية التي تشهدها.
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وصلت البطالة بين الفلسطينيين في سن العمل الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما إلى ما يقرب من 25 في المئة في الربع الثالث من عام 2022.