تخطي إلى المحتوى
ما سرّ الجزائريّة الشّابة التي اكتسحت مبيعات الكتب في أوروبا؟ ما سرّ الجزائريّة الشّابة التي اكتسحت مبيعات الكتب في أوروبا؟ > ما سرّ الجزائريّة الشّابة التي اكتسحت مبيعات الكتب في أوروبا؟

ما سرّ الجزائريّة الشّابة التي اكتسحت مبيعات الكتب في أوروبا؟

من منصة  "واتباد" لنشر الكتب وتبادلها، أطلقت الكاتبة الجزائرية الشابة سارة ريفينس ثلاثية بعنوان "الرهينة" تباعاً منذ نحو خمسة أعوام، مكتفية بتوقيعها باسم أجنبي مستعار من دون الكشف عن كنيتها العربية أو أي معلومات خاصة حول شخصها، باستثناء أنها كانت تدير صالة رياضية في الجزائر!

 حين أتاحت ريفينس للقراء تحميل كتبها الصادرة باللغة الفرنسية مجاناً، لم تكن لتتخيل أنها ستصبح من أكثر الكُتّاب قراءة في أوروبا، وأنّ كبرى دور النشر الفرنسية ستتهافت على تقديم عروض لها من أجل طباعة نتاجها الأدبي على الورق.
 أما شهرتها المفاجئة، فتعود أساساً إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما "إنستغرام" و"بوك توك"، وهو نادي القراءة المتفرع من تطبيق التيك توك والمخصص لمشاركة الكتب من قبل المستخدمين وقراءة مقاطع منها وإبداء آراء حولها.
 في ذلك العالم الافتراضي، حققت ريفينس شهرتها أولاً، وعُرفت بين الجميع باسم "الفتاة الضبابية"، كما لقبت نفسها، لكونها لا ترغب بالإفصاح عن أي معلومات شخصية حيالها؛ ساعدها على ذلك أنها غير معروفة ككاتبة في بلدها الأم، الجزائر. ولعل ذلك الغموض من العوامل التي أسهمت في إثارة اهتمام متابعيها وازديادهم باطراد.
 في غضون وقت قصير، ظهرت ملايين المقاطع المصورة من قبل معجبيها وهم يعلقون ويحللون كل فصل من فصول ثلاثية "الرهينة"، وهي عبارة عن جزء أول، وجزء مضاف في منتصف السلسلة بعنوان "خاطئ بمثالية- 1.5"، وجزء ثان، وقد تجاوز الجزء الأول التسعة ملايين قراءة على منصة "واتباد"، فيما الجزء المضاف أو الـ1.5 حقق ثمانية ملايين قراءة.

دار هاشيت

رصدت مجموعة "هاشيت" الفرنسية للنشر هذه الظاهرة عبر مكتبها "اتش لاب" المخصص لمراقبة المحتوى السردي الجديد، فتم التوقيع مع ريفينس مطلع عام 2022، ليصار إلى إصدار أول نسخة رقمية مدفوعة من "الرهينة" في حزيران(يونيو) 2022.

 وبسرعة كبيرة، أُعلن عن نشر أول مجلد ورقي في نهاية آب (أغسطس) 2022، مع عدد نسخ "متواضع" بلغ 10 آلاف نسخة.

لكنّ الرد أتى سريعاً من القراء، إذ أعلن الناشر عن نقص في المخزون منذ اليوم الأول لعرض الكتاب، ليصار إلى طبعه مجدداً تلبية للطلب المتزايد.

 منذ صدور النسخات الورقية، أحدثت ابنة الـ24 ربيعاً ضجة كبيرة في الأوساط الثقافية العالمية، بعدما تمكنت من تحطيم أرقام قياسية في مبيعات رواياتها المطبوعة بلغت 140 ألف نسخة للجزء الأول الذي ترجم إلى تسع لغات، و77 ألفاً لكتاب "الرهينة 1.5" الصادر في تشرين الثاني ( نوفمبر) 2022.
 
أما الجزء الثاني الصادر في25  كانون الثاني(يناير) الفائت، فقد تجاوز مبيعات كتاب "الاحتياطي" للأمير هاري وكتب كولين هوفير وبيار ليميتر، رغم وجود الرواية على الإنترنت مسبقاً من دون أي مقابل مادي.
 واحتلّ الجزء الثاني المرتبة الأولى لمبيعات الكتب في فرنسا في كل الفئات، وليس فقط صدارة مبيعات كتب الخيال. ليتبين أن الاهتمام بهذه السلسلة لم يكن فقط من خلف الشاشات، فقد تُرجمت الملايين من القراءات على الإنترنت إلى عمليات شراء مادية للكتب.
 ولكن ما الذي يشد هؤلاء القراء الشبان بشدّة إلى هذه السلسلة بالتحديد؟... من الواضح أن الرواية بجزءيها تتمحور حول "الرومانسية المظلمة" التي تُعجب القراء في هذه الفئة العمرية التي تتراوح بين 18 و25 عاماً. يظهرون حماستهم لبطلة الرواية "إيلا" التي تقع أسيرة لدى شبكة مافيا، قبل تسليمها إلى الرجل الوسيم العنيف "آشر" الذي سيقوم بإذلالها قبل الوقوع في حبها.
 باختصار، تتحدث ريفينس بالتفصيل عن علاقة سامة بحيث تقع الفتاة في حب مهاجمها وخاطفها بعدما جعلها تعاني الكثير.
 بحسب المقاطع المتداولة، يبدو جلياً أن الميزة الأدبية الرئيسة لهذه الرواية تكمن في أسر القراء منذ الصفحات الأولى. ترددت تعليقات مشابهة كثيرة من صغار القراء بينها "أسرتني الرواية من البداية إلى النهاية" و"لم أتمكن من ترك الكتاب للحظة". وفيما أبدى نقاد خوفهم  من الموضوع والأسلوب الذي لا يتماشى كثيراً مع القرن الحادي والعشرين، إلا أنهم اعترفوا بأن الرواية تسبب الإدمان!
 وبذلك، تنضم ريفينس إلى قائمة الكُتّاب الذي أصابوا أخيراً شهرة واسعة بسبب مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات مثل التيك توك وتويتر وغيرها، من أمثال الكاتبة الأميركية كولين هوفر ومواطنتها لوسي سكور والصينية المولد كلوي غونغ والبريطانية تاليا هيبيرت والأميركي رايلي ساغر وغيرهم كثيرين.
 كُتّاب ربما يمتلك بعضهم حساً أدبياً مرهفاً وموهبة مصقولة وصلت إلى الملايين، بينما أصابت بعضهم الآخر سهام الحظ حين استطاعوا لفت انتباه شريحة واسعة من القراء الشبان المندفعين، ممن لا تتقاطع آراؤهم مع آراء كبار النقاد في الأدب.
المصدر: 
النهار العربي