هذه حوارية تتناول العلاقة القائمة بين السياسات العربية والأساطير المترسخة في أذهان الشعوب.
تحدث القسم الأول منها عن موقع العنف في الحركات السياسية المعاصرة التي تدين بوجودها إلى أشكال ميثولوجية مضمرة، وذكر كيف يتمفصل العنف مع الثقافة في معظم الحكايات الأسطورية التي ينسج العنف بنيتها، ثم يعاد تمثيله بالطقوس المقدسة وتقديم الأضاحي. كما تحدث عن الإسقاطات السياسية الميثولوجية لفكرة الخصم المناؤى الذي تمثل في أساطير بلاد الرافدين وبابل، وبيَّن كيف أُعيد إنتاجها في السياسات العربية المعاصرة بأشكال من العنف التبادلي والإقصاء مُثّلت في العراق ومصر وسورية ولبنان.
وبحث القسم الثاني في تجليات الأساطير على الوضع الحالي في العراق ، وصوَّر كيف أفصحت الأساطير عن نفسها بأشكال مختلفة من العنف، متلبسة بالحركات العلمانية أو الليبرالية أو الماركسية أو الإسلامية. كما بحث في الوضع السياسي العراقي على ضوء الغزو الأمريكي الذي جسَّد نمطاً من العنف الدموي. وتحدث كذلك عن التاريخ الاجتماعي السياسي العربي الذي يعجُّ بالأساطير المخزونة بين القبائل والجماعات. وبيَّن أن هذا التاريخ لا تصنعه العقائد والأهداف الكبرى، بل تصوغه المعتقدات الشعبية القديمة والأساطير التي تزخر بطاقة هائلة لتحريك الحشود وتوجيه مشاعر الجماعات إزاء الأحداث المأساوية، لقد كشف سقوط بغداد أن مجتمعاتنا المعاصرة ما تزال تعيش في قلب الميثولوجية. وأن العرب ما يزالون قادرين على إنتاج الأساطير وتوليدها، إنتاجاً مرتبطاً بظاهرة الحشود الجماهيرية وعقيدة المخلّص والمهدي المنتظر.