* دأب أمثالي، في الكتابة عن آبائهم أو شيوخهم، على غمس أسمائهم وتراجمهم في يمّ من ألقاب القداسة والسمو والتبجيل. ولكني أعرضت عن ذلك كله، وجلوت للقراء حياة والدي كما هي دون أي تفخيم أو تعظيم!
* المعنى النادر الذي سيجده القارئ في حياة والدي؛ التناسق الديني الذي غدا في وهم كثير من الناس لوناً من الازدواج الممقوت:
-أمضى جل حياته يكدح من أجل الرزق، وهو العالم والمعلم الفقيه!
-أشربت روحه حقيقة التصوف وأسراره، وهو الذي عاش يحارب البدع ويمقتها في السر والجهر!
-أمضى الشطر الأول من حياته معتزلاً المجتمع، ثم دخل وعارك المجتمع من أوسع أبوابه، ثم عاد فاعتزل ولازم عقر داره حتى وافاه الأجل!
* موقفه من الجماعات والحركات الإسلامية السياسية، وأثره معلماً ومرشداً في تربيتي وسلوكي ومنهج حياتي!
* تقرأ هذا كله، وغيره، في هذا الكتاب الذي أعرضت عن إعداده وإخراجه، خلال الأعوام الأربعة التي مضت من وفاة والدي، ثم جذبني إلى الاهتمام بإخراجه ما رأيته من إشارات واضحة، بل عجيبة؛ ألزمتني بالانصراف كلياً إلى إعداده وإخراجه في مدة لم تستغرق أكثر من شهرين من الزمن.
هذا الكتاب يندرج في موضوع تاريخ الرجال؛ وهو موضوع مهم، يقدم للتاريخ صفحات لا يتحدث عنها التاريخ العام، ولا أنواع التاريخ الأخرى منه.. ومن هنا فهو يلقي أضواء ليست موجودة في تلك الأنواع.
قدّم المؤلف كتابه تحت عشرة عناوين جاءت كالفصول؛ بدأ فيه بنشأة الشيخ مُلّا رمضان البوطي، في طفولته، ودراسته، وأحواله في تلك المرحلة.
وانتقل بعدئذ إلى إدراك الشيخ الحربَ العالمية الأولى، فزواجه، فحجه..
وتحت عنوان (هجرته إلى الشام)؛ ذكر المؤلف أسباب تلك الهجرة، وما صاحبها من شؤون صعبة، إلى أن استقر بدمشق. وخصص عنواناً لحياة الشيخ الجديدة في العاصمة السورية.
وتوقف عند بحث دقيق يتعلق بأولاد الشيخ، وطريقته في تربيتهم وتوجيههم، وأثر تلك التربية فيهم.
وفي موضوع (عباداته وزهده وورعه)؛ وصف صلاته، وتلاوته للقرآن، وأذكاره، ومناسك حجه، ودعواته، وزياراته للصالحين.. وختم الموضوع بزهده وورعه.
وتناول في بحث دقيق موقفه من التصوف والبدع؛ فبين حقيقة ذلك الموقف، ومعنى التصوف النقي، والشطحات الصوفية التي ينكرها الشيخ؛ كما ينكر البدع وسواها..
وتحدث عن صلته بعلماء دمشق ونشاطه بينهم، ثم عزلته مشيراً إلى موقفه من محنة الشيخ حسن حبنكة، ورأيه بنصح الحكام، والدعوة إلى الله، ومحاورة العصاة، ورعاية وحدة المسلمين.
وختم المؤلف كتابه بالمرحلة الأخيرة من حياة الشيخ في مرضه، والغرائب التي حدثت آنذاك، ثم بوصاياه، رحمه الله وأجزل له الثواب.