يُعَدُّ (الفقه المقارن) عمدة لا بدَّ منها في إدراك قيمة الفقه الإسلامي، ومدى ارتباطه بمصادره المتفرِّع عنها، وهي:
الكتاب والسُّنَّة والإجماع والقياس، كما يوضِّح المعنى الديني الذي يقوم عليه الفقه الإسلامي، ويتميَّز به من القوانين الأُخرى.
وهو السَّبيل الوحيد الذي يقف الطالب منه على أهمية فهم أُصول الفقه ودراسته، للقدرة على استنباط الأحكام من الكتاب والسُّنَّة، وهو السَّبيل الَّذي يكشف عن مدى ما يحتاج إليه الفقيه والمجتهد من الدراسات العربيَّة المختلفة، ومعرفة أسباب النُّزول، وعلم الناسخ والمنسوخ، والحديث ومصطلحه، والرِّواية ورجالها، كما يكشف عن موقع كلٍّ منها من عمليَّة الاجتهاد أو الاستنباط.
ويعنى الفقهاء بدارسة (الفقه المقارن)؛ لا لكي يقضوا به على قاعدة سد الذَّرائع، وإنَّما لكي يقفوا به عند الحدود المرعية، ولكي يتيسَّر السَّبيل لمن تمرَّس بأسباب البحث والنَّظر؛ أن يجتهد ويبحث فيما قد يجدُّ في العصر من المشاكل والأحداث الَّتي لا بدَّ من معرفة أحكامها.
إن دراسة الفقه المقارن تعد عمدة لا بد منها في إدراك قيمة الفقه الإسلامي؛ تزود المتعلم بالقدرة على استنباط الأحكام من الكتاب والسنة، وهذا ما يحتاجه الفقيه إلى جانب الدراسات المختلفة.. وهو الطريق إلى تقدير المذاهب الأربعة حق قدرها.
ومن هذه المنطلقات وضع المؤلف كتابه هذا؛ فاختار له بحوثاً معينة تفيد في بابتها، تهمّ المتعلم لهذا النوع من العلوم، وناقشها من منظور الفقه المقارن، وبالدليل العلمي والحجة البينة لكل بحث من المباحث الهامة التي ناقشها، وذكر ما ورد من أقوال حول كل مبحث؛ فتحدث عن سبب اختلاف الفقهاء على مذاهب، وبدأ بموضوع " أثر تباعد البلدان في حكم الصوم"، وأتبع ذلك بموضوع " تثبيت النية وتعيينها في الصوم" .. ثم تناول من الموضوعات الاقتصادية، " علة الربا وأثر ذلك فيما يجري فيه من الربا"، وانتقل إلى مسألة " لزوم الوقف وحبس الملك على الواقف". وخصص لجانب العقود عنوان " الشروط الجعلية في العقود عامة والنكاح خاصة" وفي مثل ذلك خصص بحثاً في " الطلاق الثلاث بلفظ واحد". وعلى موضوع الجهاد قدم بحثاً عنونه " الأرض التي افتتحها المسلمون عنوة"، ولموضوع العقوبات تناول موضوع " العقوبة بأخذ المال" وفي مجالس الحكم تحدث عن " القضاء بشاهد واحد ويمين" وكذلك " القضاء بشهادة غير المسلمين" وذيل المؤلف كتابه بخاتمة، بين فيها أنه لم يستقص مسائل الفقه كلها على النحو الذي أخذ نفسه به.