تخطي إلى المحتوى
الإنترنت الفضائي.. طريق الثورة على "الدكتاتورية الرقمية" الإنترنت الفضائي.. طريق الثورة على "الدكتاتورية الرقمية" > الإنترنت الفضائي.. طريق الثورة على "الدكتاتورية الرقمية"

الإنترنت الفضائي.. طريق الثورة على "الدكتاتورية الرقمية"

أعلن الملياردير الأميركي إيلون ماسك أن خدمة الإنترنت عبر نظام "ستارلينك " للأقمار الصناعية ستؤمّن الاتصالات لـ"منظمات الإغاثة المعترف بها دوليا" في غزة المعزولة عن العالم منذ الجمعة بسبب قطع الاتصالات والإنترنت.

وتعليقا على هذا التصريح قال وزير الاتصالات الإسرائيلي شلومو كرعي إنهم يقومون باستخدام الوسائل المتاحة لمنع ماسك من تزويد منظمات الإغاثة في غزة بالإنترنت.

وعادة تلجأ العديد من الدول لقطع شبكة الإنترنت وفرض قيود على استخدامها للضغط على معارضيها، وللحد من انتشار المعلومات في الحروب والأزمات، وهذا ما لجأت له إسرائيل عند قطعها الإنترنت والاتصالات عن كامل قطاع غزة في ليلة 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشنت غارات وعمليات برية في القطاع لمطاردة المقاومة الفلسطينية هناك.

وللخروج من قبضة التحكم السلطوية الممارسة من بعض الحكومات، التي وصفتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بـ"الدكتاتورية الرقمية"، ينظر إلى "الإنترنت الفضائي" باعتباره أحد الحلول المثلى لتخطي مثل هذه الأزمات.

وقد أسهم الإنترنت الفضائي في إلقاء الضوء على الحرب الروسية على أوكرانيا ومتابعة مجرياتها بعدما قطعت موسكو الإنترنت في عدة مناطق بأوكرانيا، إذ قدمت "شركة ستارلينك" خدمات الإنترنت للأوكرانيين. 

لكن، ما هو نظام ستارلينك؟ وكيف يعمل؟

هو خدمة إنترنت قائمة على الأقمار الصناعية أنشأتها شركة "سبيس إكس" التابعة لماسك، وصممت لتوفير الوصول إلى الإنترنت في المناطق المحرومة التي لا يوفرها نظام خدمة الإنترنت التقليدي.

ويتكون نظام ستارلينك من آلاف الأقمار الصناعية الموضوعة في مدار أرضي منخفض، والتي يتم ربطها ببعضها البعض لإنشاء شبكة متداخلة قادرة على توفير وصول عالي السرعة إلى الإنترنت.

وتعمل الخدمة من خلال توصيل المستخدمين بالأقمار الصناعية عبر طبق هوائي يتم توصيله بجهاز التوجيه والمودم الخاصين بالمستخدم، والتي بدورها تكون متصلة بالإنترنت.

وأُعدت هذه الخدمة لربط المناطق المنكوبة ومناطق الحروب بالإنترنت، واستفادت منها أوكرانيا خلال الحرب الحالية مع روسيا، وحاليا الخدمة متوفرة لـ40 دولة فقط، ليس من بينها فلسطين.

تاريخ قديم منذ ظهور "الويب"

ظهور الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية مرتبط بظهور الإنترنت و"الويب" بشكل عام. لكن تطوير هذه التقنية لم يحظ بالاهتمام نفسه مقارنة بالشبكات التقليدية الأخرى، وظل منحصرا على بعض التجارب القليلة إلى غاية تسعينيات القرن الماضي.

في تلك الفترة برزت شركة "تيلي ديسيك" بصفتها أحد رواد هذه التقنية، وأطلقت مشروعا لوضع مئات الأقمار الصناعية في مدارات منخفضة لتأمين الاتصال بالإنترنت، لكن مشروعها باء بالفشل سنة 2003 بسبب كلفته المرتفعة، وهو المصير نفسه الذي لاقته شركات أخرى على غرار "إريديوم" و"غلوبال ستار" و"آي سي أو".

وبسبب التكلفة الهائلة لهذا الحلم تأخرت تقنية الإنترنت الفضائي حتى عام 2014، وبعد التطور الهائل الذي عرفته شبكة الإنترنت حول العالم، بدأ الاهتمام يعود تدريجيا إلى المشروع، فتزعمته شركات مثل "سبيس إكس" و"ون ويب" و"أمازون"، التي تطور هذه التقنية دوريا عبر إرسال أقمار اصطناعية في مدارات منخفضة قريبة من الكرة الأرضية.

وتعتبر شركة "ستارلينك" -التابعة لمجموعة "سبيس إكس"- الشركة الأبرز والرائدة في توفير وتطوير الإنترنت الفضائي، إذ تحاول توفيره في كل الدول، وتسعى لخفض تكلفة الخدمة إلى الحد الأدنى، ورفع سرعته بما قد يتعدى سرعة الإنترنت الأرضي.

تغطية عالمية

يبث الإنترنت الفضائي من الأقمار الاصطناعية في الفضاء، ويوفر تغطية عالمية، تسمح بالاتصال بالإنترنت من أي موقع في الكرة الأرضية، حتى وإن لم يتوافر فيه الإنترنت الأرضي، ودون الحاجة لمعدات أرضية معقدة.

ويتكون نظام الإنترنت الفضائي من عدة أجزاء:

  • القمر الصناعي.
  • المحطات الأرضية، وتعد بمثابة بوابات لنقل البيانات من وإلى الأقمار الصناعية.
  • هوائي مزود بجهاز إرسال واستقبال عند المستخدم، وهناك تقنيات حديثة يكفي معها جهاز كمبيوتر أو هاتف محمول موصول بـ"راوتر".

كيف يعمل الإنترنت الفضائي؟

في الحالات الطبيعية تكون شركات الاتصالات المرخصة في الدولة هي المصدر الأساسي للإنترنت في مناطقها، ويتم ذلك عبر تزويد هذه الشركات بخطوط أساسية عبر "كوابل" دولية تمر بمنافذ حكومية، وبصرف النظر عن مزود الإنترنت، تستطيع الدول عادة فرض "الرقابة والتحكم" بجميع الخدمات التي توفرها هذه الشركات.

لكن في حالة الإنترنت الفضائي، يصل الإنترنت للمستخدم فورا من شبكة الإنترنت العالمية عبر الأقمار الاصطناعية دون المرور عبر رقابة الحكومات، ودون الحاجة لأي "كابلات" أو توصيلات.

أنواع الإنترنت الفضائي

اتصال ثنائي الاتجاه: ويستلزم العديد من المعدات، لذا يعد مكلفا نوعا ما، ويتم عبر إرسال واستقبال البيانات عن طريق الأقمار الاصطناعية إلى منفذ اتصالات محوري (نقل فضائي).

اتصال أحادي الاتجاه: وهو الأكثر ملاءمة للمناطق النائية، ويستقبل البيانات عبر الأقمار الاصطناعية ولا يحتاج لإعادة الإرسال إليها، بل عن طريق إرسال أرضي (مودم أو هاتف).

بث أحادي الاتجاه: وهو لا يوفر اتصالا كاملا بالإنترنت ولا يمنح إمكانية التحكم بالبيانات المستقبَلة، ويشبه نظام عمل التلفزيون والراديو.

حلول ومعوقات

على الرغم من أن الإنترنت الفضائي قد يعد الحل الأمثل لمواجهة أزمة قطع الإنترنت، فإن تكلفته عالية جدا، فشركة "ستارلينك" الرائدة في هذا المجال توفر هذه الخدمة مقابل نحو 600 دولار أميركي لتوفير طبق وجهاز توجيه للاتصال بالأقمار الاصطناعية، فضلا عن رسوم شهرية تقدر بـ110 دولارت.

ويتأثر الإنترنت الفضائي بشكل كبير بحالة الطقس والعوائق المادية التي قد تقف حائلا أمام الإرسال والاستقبال كالأشجار والمباني. ولأن إشارات الإنترنت تقطع مسافات طويلة دون أسلاك وكابلات، فإنها أحيانا تصل بسرعة أبطأ نسبيا من السرعة التي توفرها التقنية التقليدية.

المصدر: 
الجزيرة