دمشق – الوطن:
عن دار الفكر بدمشق صدر حديثا كتاب هام للمفكر الإسلامي وعالم الاجتماع التونسي أ. د. ناجي بن الحاج الطاهر المزوغي، حمل عنوانا ملفتا (الانسان والقرآن.. معالم علم الوجهة) يعتبر هذا الكتاب المرجع الأوفى لكل باحث في الدراسات القرآنية، والمصباح الذي يضيء للأمة مستقبلها، ويعينها على رسم طريقها وهي تستعد لأداء دورها القيادي في عالم عصر المعرفة الراهن يعتبر هذا الكتاب دستورا بين يدي جيل عصر المعرفة؛ يتفهم معاني القرآن ويصوغ حياته ليؤدي رسالة السماء على ضوئها، وينهل منها ما يحل به مشكلاته الحاضرة، ويخطط به آفاق مستقبله، وكأنها تتنزل عليه من السماء لتوها؛ قرآنا غضا نابضا بالحياة، مستوعبا لظروف الزمان والمكان، ومهيمنا عليهما.
وفي كلمة الغلاف يقول الاستاذ محمد عدنان سالم: أكثر من ثلاثين عاماً في استشارات ونقاشات وندوات؛ قضاها المؤلف بحثاً عن مخرج يُخرج به الدراسات القرآنية من أسر الواقع والتقليد المحدود، إلى رحاب مستقبل مفتوح بلا حدود؛ يحقق متطلبات عصر المعرفة والعالم الجديد، لقد لاحظ أن الأمّة الإسلامية اليوم تعيش واقعاً مشابها للحظات ولادة الأمم الكبرى لكي تعود للفعل في التّاريخ وصناعته؛ فحاول أن يتعرض لتجربة الأمّة نفسها في خروجها الأوّل، الذي كان القرآن العظيم-الـمنزل من عند الله وبأمــــــــــــره – وراءه، فحاول الوقوف على أهم الخاصيات التي احتيج لها لخروج الأمة الخيرة إلى النّاس، ومن ثم اجتهد في معرفة ما يمكن للأمة اليوم أن تحققه لخروجها مرة أخرى؛ لكي تكون شهيدة على النّاس، ويكون الرّسول عليها شهيداً، كما أراد لها الله سبحانه.
وسيكون للقرآن الكريم الكلمة الفصل في توضيح ذلك المنهج، فحاول في الوقت نفسه بلورته؛ لكي يساعدنا على الاقتراب من القرآن العظيم؛ مرجعا للهداية أرادَه الله لمرحلة الختم هذه التي ننتمي إليها.
وسنرى معاً كيف ستساعدنا طريقة تنزّل الكتاب، والمصطلحات والطرق التي أوجدها القرآن لإيصال رسالته إلى النّاس، وتمكين الأمة الـمخرجة من الرؤية التي تحتاجها لشق طريقها إلى الله، في أعظم مهمة عرفها التاريخ؛ هي إخراج أمة وسط، تعرف ما تحتاجه التحولات الكبرى في حياتها؛ لتكون من جديد أمة فاعلة في التاريخ، وقادرة على الحياة والفعل في العالم، والشهادة على النّاس!!
وحول مفهومه لعلم الوجهة يقول الدكتور ناجي : علم الوجهة هو علم يهتم بالجواب عن كيف يمكن للفعل البشري اتخاذ وجهة تربط بغاية الخلق: عبادة الله وحده. اي كيف يمكن للفعل البشري ان يرتبط بالقيم العليا الحسنى التي يمثل الله مصدرها جميعا. وكما ان الفعل يحتاج لمرجع له حتى يكون ممكنا، فان علم الفعل يتم عبر وعي دائم بحضور الكون كمرجع للفعل في كل ما اتصل به. ومن ثم كذلك لا يمكن للوجهة ان تتحول الى علم حتى يكون لها مرجعا يعود اليه الانسان لجعل تلك الوجهة التي يحتاجها الفعل امرا ممكنا. ومن ثم كان القرآن العظيم مرجعا للهداية يجب التعامل معه على ذلك الاساس. ومن ثم ان اهتم المسلمون بذلك كان لهم شرف ادخال العالم مرحلة علم الوجهة كما كان لهم من قبل ببركة القرآن العظيم شرف ادخاله مرحلة علم الفعل بعد ان تم لهم على يدي ابن الهيثم وضع منهج يعي ضرورة حضور الكون في كل ما اتصل بإمكانية الفعل في العالم. ومن ثم سيكون لعلم الوجهة ان يحييان يمس مواضيع متعددة وهو يسعى ان يجيب عن تحقق الغاية من وراءه.. كصناعة الانسان الرباني، واخراج الامم الوسطى، واصلاح كل ما اتصل بالفعل ليكون فعلا مستقيما استقامة يحددها الاقتراب من الله كقبلة.
ومن ثم حاول الكتاب مس جل تلك المواضيع واعتمد القرآن الكريم لفهم التحديات التي تحول بين الانسان وبين فلاحه كما اراد الله له.
يذكر أن جاء الكتاب في 512 صفحة من القياس الكبير.
جريدة " الوطن" العمانية