تخطي إلى المحتوى
الروائي المصري ناصر عراق: رمضان نافذة مشرعة على الذكريات الروائي المصري ناصر عراق: رمضان نافذة مشرعة على الذكريات > الروائي المصري ناصر عراق: رمضان نافذة مشرعة على الذكريات

الروائي المصري ناصر عراق: رمضان نافذة مشرعة على الذكريات

للكتاب مع رمضان ذاكرة خاصة، إذ يؤكد الروائي المصري ناصر عراق أنه منذ أكثر من ربع قرن، وهو لا يعكف على رواياته إلا في الصباح المبكر جداً، وبشكل يومي، بغض النظر عن كونه في رمضان أو في شوال، كذلك لا يتوقف عن القراءة يومياً، ولكن حين تهل علينا أنوار الشهر المبارك تتزايد نسبة قراءاته الخاصة بالأمور الدينية، فيتأمل كثيراً في سور القرآن الكريم، كما يراجع السيرة العطرة للأنبياء، ويهتم أيضاً بمعاودة قراءة ما تيسر من كتب المؤرخين المصريين الكبار الذين سجلوا تاريخ مصر في فترات زمنية فاصلة، أمثال ابن تغري بردي وابن إياس والمقريزي والجبرتي.

 

* هل هناك طقوس خاصة في إبداعكم خلال الشهر الكريم؟.

** منذ أكثر من ربع قرن وأنا لا أعكف على رواياتي إلا في الصباح المبكر جدًا، وبشكل يومي، بغض النظر عن كوننا في رمضان أو في شوال، كذلك لا أتوقف عن القراءة يوميًا سواء كنا في يناير أو أكتوبر، ولكن حين تهل علينا أنوار الشهر المبارك تتزايد نسبة قراءاتي الخاصة بالأمور الدينية، فأتأمل كثيرًا في سور القرآن الكريم، وأطالع كتبًا في تاريخ الأديان، وطقوس العبادات في المشرق والمغرب، كما أراجع السيرة العطرة للأنبياء خاصة رسولنا الكريم، وأهتم أيضًا بمعاودة قراءة ما تيسر من كتب المؤرخين المصريين الكبار الذين سجلوا تاريخ مصر في فترات زمنية فاصلة أمثال ابن تغري بردي وابن إياس والمقريزي والجبرتي.

* بماذا تحتفظ من ذكريات حول هذا الشهر المعظم؟.

** هذا سؤال يفتح أبواب واسعة للشجن العذب، فقد عشت طفولة مستقرة رائعة في أسرة يظللها رب هذه الأسرة بالحكمة والطيبة والحنان، فوالدي المرحوم عبدالفتاح عراق كان مثقفا عصاميًا بامتياز، وقد أورث أبناءه السبعة (ترتيبي السادس) عشق الأدب والفكر والفن، وهكذا كلما أطل رمضان بأيامه الخضر اعترتني نشوة خاصة لأنني سأنصت إلى أبي وأشقائي الكبار وهم يتداولون النقاشات العديدة حول الدين والسياسة والأدب والفن، خاصة بعد تناول الإفطار الشهي، كما أذكر جيدًا التفافنا حول الراديو وانفعالي الشديد وأنا أنصت إلى تواشيح الشيخ سيد النقشبندي بصوته المذهل، ثم أذان المغرب بصوت صاحب الحنجرة المضيئة الشيخ محمد رفعت.

بعد ذلك نتابع البرامج الرمضانية الخفيفة الممتعة، ومسلسلات رمضان التي كان يقوم ببطولتها في نهاية الستينيات فؤاد المهنس وشويكار، ثم ننتقل إلى فوازير رمضان حيث قدمتها فاتن حمامة مرة في رمضان، وقدمها صلاح جاهين مرة في رمضان آخر. أما التليفزيون فكنت أنتظر فوازير ثلاثي أضواء المسرح بشغف شديد، قبل أن يرحل الضيف أحمد عام 1970، ثم يهل رمضان 1973، وأشقائي الثلاثة الكبار هناك على الجبهة في معركة شرسة فاصلة، فيغدو الشهر الكريم أيقونة الفرح والنصر.

* ما هي خصوصية هذا الشهر بالنسبة لكم وكيف تقضونه؟.

** أظن أنني تمتعت بعلاقة خاصة بشهر رمضان، إذ تربطني به ذكريات ممتدة لنحو ستة عقود تقريبًا، ففي طفولتي وصباي شهدت معركتين وهما 1967، و1973، والأخيرة شارك فيها أشقائي الكبار إبراهيم وفكري وفوزي وقد كللها رمضان بالنصر والفخار، وفي ذلك الشهر عرفت كيف يصبح الملايين على قلب رجل واحد لنصرة الجنود.

كذلك توثقت علاقتي بأعمال فنية عديدة كانت تذاع في الراديو قبل أكثر من نصف قرن مثل (ألف ليلة وليلة) بأداء الساحرة زوزو نبيل، وقصائد (المسحراتي) التي كتبها الشاعر الفذ فؤاد حداد وأداء بديع لسيد مكاوي، وبرنامج (أحسن القصص) والفوازير التي كانت تقدمها آمال فهمي، ومسلسلات إذاعية مميزة لفاتن حمامة ومحمود ياسين وهي (أفواه وأرانب) و(كفر نعمت)، فضلا عن مسلسلات أخرى تليفزيونية مثل (القط الأسود)، و(العسل المر)، و(الدوامة).

أما الآن، فأنتهز فرصة الأجواء الرمضانية المميزة، وأعيد بصبر وأناة قراءة القرآن الكريم متأملا المعمار اللغوي للآيات المختلفة وأسباب نزولها وتفسيرها، محاولا اكتشاف المزيد من أسرار البلاغة الآسرة التي يحظى بها كتابنا المقدس.

وأما المسلسلات التليفزيونية، هذا الزاد الرمضاني الشهير، فأنتقي بعضها وأحاول متابعتها إذا كانت مصنوعة بذكاء وجمال.

يبقى الحرص على لقاء الأصدقاء المقربين في ليالي رمضان أمرًا مهمًا، من أجل قضاء أوقات خاصة ممتعة نستذكر خلالها الماضي الطيب، ونستشرف المستقبل بقلوب آمنة وعقول وثابة.

باختصار... رمضان شهر المودة والرحمة والإبداع الجميل.

المصدر: 
صحيفة الاتحاد الإماراتية