تخطي إلى المحتوى
اليوم العالمي للفلسفة .. احتفاءً بمفتاح الفكر والمعرفة 2/2 اليوم العالمي للفلسفة .. احتفاءً بمفتاح الفكر والمعرفة 2/2 > اليوم العالمي للفلسفة .. احتفاءً بمفتاح الفكر والمعرفة 2/2

اليوم العالمي للفلسفة .. احتفاءً بمفتاح الفكر والمعرفة 2/2

 فلسفة كورونا!!

ويأتي اليوم العالمي للفلسفة هذا العام، في وقت يجابه فيه العالم فيروس كورونا، الأمر الذي يدعو الجميع إلى الوقوف على دلالات هذه الجائحة وسبر أغوارها، ويُبرز الحاجة إلى التمتّع ببُعد نظرٍ فلسفيّ للخروج من الأزمات العديدة التي نشهدها اليوم، إذ باتت هذه الحاجة الآن أكثر إلحاحاً مما كانت عليه في أي وقت مضى. وأفضت الأزمة الصحية إلى إثارة شكوك وتساؤلات بشأن العديد من جوانب حياة مجتمعاتنا. وهنا يأتي دور الفلسفة، إذ تساعدنا على التجرّد واكتساب بُعد النظر اللازم للمضي قدماً على نحو أفضل، فهي وسيلة لتنمية الحسّ النقدي إزاء المشاكل الموجودة بالفعل والتي أدّت الجائحة إلى احتدامها.

و بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة الذي يأتي هذا العام في أجواء استثنائية، سلطت اليونسكو الضوء على جائحة كورونا منذ بدء تفشي الفيروس، وقالت المنظمة الدولية إن “الأزمة الصحية أفضت إلى إثارة شكوك وتساؤلات بشأن العديد من جوانب حياة مجتمعاتنا، بيد أنّ الفلسفة تمدّنا بوسيلة لتحسين التقدّم المُحرز، وتعزّز في داخلنا الحس النقدي إزاء المشاكل القائمة بالفعل والتي أدّت الجائحة إلى احتدامها”. وتابعت: “تساعدنا الفلسفة على مواجهة ما يشهده العالم من تحوّلات كبيرة تذهلنا أحياناً بعمقها وسرعتها، إذ إنّها تتيح لنا التروّي في النظر إلى الأمور والتحلّي بمزيد من بُعد النظر واستشراف آفاق المستقبل”.

الفلسفة اليوم

 أما اليوم وبالنظر إلى ما هو متوفر من المعارف وعلى ما هو متراكم من أسئلة وقضايا مطروحة في العديد من المجالات إلى التقدم الذي حققه الفكر البشري في مختلف المجالات ، فلم يعد دور الفيلسوف فقط حب الحكمة أو الذهاب إليها والبحث عنها بنفس الأدوات الذاتية وفي نفس المناخ من الجهل الهائل بالمحيط الكوني وتجلياته الموضوعية كما كانت عليه الحال سابقا … إن الفيلسوف الآن بات مقيدا بالكثير من المناهج و القوانين المنطقية وبالمعطيات اليقينية في إطار من التراكمات المعرفية وتطبيقاتها التكنولوجية التي لا تترك مجالا للشك في مشروعيتها . في هكذا ظروف وأمام هكذا معطيات لم يعد تعريف الفلسفة متوافقا مع الدور الذي يمكن أن يقوم به الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثير الإختلاف عن دور سلفه من العصور الغابرة . وبالتالي لا مفر من إعادة النظر في تغيير مفهوم ومعنى الفلسفة بحيث تكون، إنتاج الحكمة وفي النهاية يمكن ان تعرف الفلسفة من هدفها حيث تهدف الى تفعيل الفكر و الادراك وتحفيز الفهم والتعامل مع القضايا وتربية الحس النقدي تبسيط الفلسفة.

 التطور التاريخي لمواضيع الفلسفة

تطورت مواضيع الفلسفة خلال فترات تاريخية متعاقبة وهي ليست وليدة يومها، وبحسب التسلسل الزمني لها، فقد تطورت بالشكل التالي : أصل الكون وجوهره. الخالق(الصانع) والمخلوق. العقل وأسس التفكير. صفات الخالق(الصانع) ولماذا وجد الانسان؟ براهين اثبات الصانع (علما ان اليونان قد تطرقوا لها ). من ثم اصبحت الفلسفة اكثر تعقيدا وتشابكا في مواضيعها وتحديدا بعد ضهور الديانة المسيحية بقرنين أو يزيد .ويتأمل الفلاسفةُ في مفاهيم كالوجود أَو الكينونة، أو المباديء الأخلاقية، المعرفة، الحقيقة، والجمال. ومن الناحية التاريخية ارتكزت أكثر الفلسفات إمّا على معتقدات دينية، أَو علمية. أضف إلى ذلك أن الفلاسفة قد يسألون أسئلةَ حرجةَ حول طبيعةِ هذه المفاهيم .

 تاريخ الفلسفة..شرقية وغربية

 يعمد الغربيون عادة إلى تقسيم التاريخ الفلسفي بين شرقي و غربي ، الفلسفة الشرقية هي الفلسفة التي أنتجتها دول الشرق الأقصى بالخص الهند و الصين و اليابان و هي فلسفات ذات طبيعة دينية روحانية أكثر منها عقلانية، في حين يقسمون تاريخ الفلسفة الغربية إلى فلسفة قديمة وإغريقية ، ثم فلسفة العصور الوسطى ثم الفلسفة الحديثة . أما إنتاجات الفلاسفة المسلمين تعتبر غالبا من وجهة النظر الغربية ناقلة للفلسفة الإغريقية و غير ذات إنتاج فعلي، و حسب بعض الآراء فقد استمرت هذه النظرة نتيجة ضعف الدراسات الأصيلة للكتابات الفلسفية العربية الإسلامية إلى أن شهد العالم العربي مؤخرا نهضة فلسفية تركزت في دول المغرب العربي أساسا مهمتها إعادة بناء النهضة على أساس التراث العربي و محاولة نقده، أبرز هذه المحاولات : نقد العقل العربي لمحمد عابد الجابري و إصلاح العقل في الفلسفة الإسلامية لأبو يعرب المرزوقي . ويمكن القول أن الثقافات الفلسفية الشرقية والشرق الأوسطية أَثرت بشكل كبير على الفلاسفة الغربيين. كما ان الثقافات اليهودية والروسية، و الثقافات الفلسفية الأمريكية اللاتينية والإسلامية كانت ذات تأثير واضح على مجمل تاريخ الفلسفة. بدأَت الثقافة الفلسفية الغربية عند اليونانيون واستمرت إلى الوقت الحاضرِ. ومن بين الفلاسفة الرائدين الغربيين :سقراط، أفلاطون، أرسطو، ايبيكوروس، سيكستوس ايمبيريكوس، أوغسطين ، بويتيوس، أنسيلم كانتربوري، وليام أوكام، جون سكوت، توماس الأكويني، ميتشل دي مونتان، فرانسيس بيكون، رينيه ديكارت، سبينوزا، ديفيد هيوم، توماس ريد، جان جاك روسو، إمانويل كانت، هيغل، شوبنهاور، نيتشه، ، ماركس…وغيرهم كثيرون. كما هناك فلاسفة غربيون آخرون معاصرون مؤثرون مثل دونالد ديفيدسن، دانيال دينيت، جيري فودور، يورجن هابرماس، ساول كريبكي، توماس كون، توماس نايجل، مارثا نوسباوم، ريتشارد رورتي، هيلاري بوتنم، جون راولز ، وجون سيرل. والفلسفة الغربية تقسم أحيانا إلى الفروع المختلفة من الدراسة، مستندة على نوعِ الأسئلة خاطب. إن الأصناف الأكثر شيوعاً: ميتافيزيقيا، نظرية المعرفة، أخلاق، وعلم جمال. المجالات الأخرى تتضمّن : المنطق، فلسفة العقل، فلسفة اللغة، وفلسفة سياسية . للمزيد من المعلومات، انظر فلسفة غربية. اما بالنسبة للفلسفة الشرقية فيندرج تحت مصطلح (الفلسفة الشرقية) ثقافات واسعة نَشأتْ في، أَو كانت منتشرة ضمن،مصر و الهند القديمة والصين. ومن الفلاسفة الرئيسيون في هذه الفلسفة: قابالاه، بوذا ، أكشابادا غوتاما، ناغاريونا، كونفوشيوس، اللاو زي (اللاو تزو)، ابن سينا ، الفارابي ومحمد الشيخ.

 الفلسفة في الإسلام

لم يعرف الإسلام الفلسفة إلا بعد انتقال العلوم اليونانيّة القديمة وترجمتها إلى العربية بعد فتح الأمصار، ولذلك أصبحت الحكمة مرادفا للفظة الفلسفة عند مفكري المسلمين في الكثير من كتاباتهم، ومع ذلك فإنّ لها العديد من التعريفات عند علماء المسلمين مع تداخلها مع العديد من العلوم كعلم الكلام والفقه وعلوم اللغة. وعند الحديث عن الفلسفة الإسلامية، أول ما يستحق أن نلجأ إليه من معاجم تفسر لنا هذا الاصطلاح هو المعجم الوسيط الذي يتحدث بلسان مجمع اللغة العربية في القاهرة فيقول فيها : هي دراسة المبادئ الأولى وتفسير المعرفة تفسيرا عقليا وكانت تشمل العلوم جميعا، واقتصرت في هذا العصر على المنطق والأخلاق وعلم الجمال وما وراء الطبيعة . وعلم الأخلاق في نظر الدكتور عبد اللطيف محمد العبد يعنی الأخلاق الإسلامية التي ترتكز على الدين الإسلامي نفسه، أما الأخلاق في المذاهب المغايرة للإسلام، فإنها تخبطت كثيرا حين ارتكزت على الفلسفة وحدها، لأن الفلسفة غالبا، لا تقبل شيئا فوق العقل وأما المنطق فهو علم – كما يراه الدكتور يحيى هويدى – يجب أن يبحث في أخلاق الفكر لا في طبيعة الفكر، وهو علم بما يجب أن يكون عليه الفكر في وجوده التالي. 

تعريف الفلسفة الإسلامية:

 يُستخدم مصطلح الفلسفة الإسلامية للإشارة إلى الأفكار الفلسفيّة المعتمدة على النصوص الدينيّة في الإسلام للتعبير عن الأفكار حول الكون وطبيعة الخلق والحياة، ويمكن كذلك أن يُستخدم بصورة أشمل ليضمّ كل التصورات الفلسفية والأعمال الفكرية التي أُنتجت في ظل الثقافة الإسلامية والحضارة التي أنتجتها الدولة العربية في كافة أقطارها، وذلك دون ربطها بالعلوم الشرعيّة، ويمكن أن يسبب هذا لبساً لدى البعض في التفرقة بين الفلاسفة المسلمين وبين غير المسلمين الذين عاشوا في ظل الحضارة الإسلاميّة.

 نشأة الفلسفة الإسلامية:

بدأ البحث في المواضيع الفلسفية المتعلّقة بالرؤية الشاملة للحياة، والبحث حول الحقيقة مع بدايات الحضارة الإسلاميّة، وقد عرف المسلمون علم الكلام الذي يُعدّ بذرة تيار الفلسفة الإسلامية في مرحلة مبكّرة، وقد اعتمد في الأساس على استخدام الأساليب اللغويّة والمنطقية مستمدة من القرآن والسنة، لمواجهة المشككين في الإسلام وثوابته، ثم تطوّر الفكر الفلسفي ووصل لذروته في القرن التاسع الهجري بعد اطلاع المسلمين على الفلسفة اليونانية القديمة، وظهر جيل من الفلاسفة الذين اختلفوا في منهجهم وبحثهم عن علماء الكلام، فانتقلوا من دراسة النصوص المكتوبة إلى مرحلة إثبات الحقائق بالأدلة العقليّة. وبعد نشأة التفلسف في الفكر الإسلامي، بلغت الأعمال الفلسفيّة الإسلامية ذروتها عند كل من ابن رشد في الأندلس، الذي تمسّك بتحكيم العقل بناء على المشاهدات والتجارب، وقد سبقه كل من الكندي الذي لُقّب بالمعلم الأول، والفارابي الذي أسّس مدرسة فكرية كاملة مستمدّة أصولها من أفكار أرسطو.

 أعلام الفلسفة الإسلامية:

 الكندي: كان الكندي أول الفلاسفة المسلمين الذين حاولوا استخدام المنطق في دراسة القرآن، وقد تأثّر بصورة كبيرة بأفكار المعتزلة فكانت أفكاره موجّهة ناحية الدين بشكل أساسي، وحاول الوصول إلى الحقيقة عبر دراسة الأديان كلّها مع أخذه بأفكار أرسطو. الرازي: تعرّض الرازي  للكثير من الرفض بسبب أفكاره التي اتّسمت بالجنوح نحو عمل العقل، ورفض إقحام الدين في شأن المعرفة الإنسانيّة، ووصل الأمر إلى تكفير الرازي من العديد من علماء الدين. الفارابي: حاول الفارابي تضييق الفجوة بين الفسلفة التي اعتبرت من معارف الخاصة، وبين عامة الناس البسطاء، وقد طرح أفكاره عن القضايا الفلسفيّة المتعلقة بالحياة اليوميّة للإنسان في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة.

 التناقض بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة اليونانية

 تتفاوت الأسس بين الفلسفتين اليونانيّة والإسلامية في تعريف مفهوم الخالق الأعظم لكلٍّ منهما وفقاً لاعتقاداتهما، فعلى سبيل المثال يعتبر الفلاسفة اليونانيين بأنّ الخالق الأعظم لم يكن لديه اطّلاع على كل ما يتعلق بالبشر ولم يظهر نفسه لهم على مر العصور، أي إنّها تنكر الوجود الإلهي وتنكر موعد زوال هذا العالم والحساب وذلك بناءً على منظور أرسطو وأفلاطون، أما الديانات التوحيدية فهي على العكس تماماً من ذلك حيث الاعتراف بوجود الخالق.

الفلسفة الإسلامية والدين:

 يشار إلى أن الفلسفة الإسلامية لم تنحصر مفاهيمها ومباحثها في أمور الدين أو الفلسفة الدينية فقط، ولم تقتصر على الأيدي المسلمة في الكتابة، إلا أنها كانت تشمل فلسفة العلم وبعض النواحي العميقة في الدين، ومن أبرز مدارس الفلسفة الإسلامية مدرسة التزهد والصوفية، وتعتبر الفلسفة اليونانية بأن التحليل المنطقي غير مجدٍ نهائياً في محاولة استيعاب أبعاد طبيعة الخالق الأعظم بينما اعتبرت الفلسفة الإسلامية أنّ ذورة التدين أن يعمد المسلم إلى التحليل المنطقي في محاولة فهم طبيعة الله سبحانه وتعالى.

المصدر: 
إسلام أون لاين