يشيخ الإنسان.. تشيخ الأمم والحضارات.. وحده الكتاب؛ يبقى شابا لا يشيخ.. متجدد لا يبلى.. عالميا لا يتوطن.. مشاعا لا يُحتكر.. متمرداً لا يخضع.. حراً لا يطيق ترحلاً؛ ما إن تضق أوعيته عن استيعاب معلوماته المتنامية، حتى يستبدل بها أوعية جديدة؛ أكثر استيعاباً، وأكثر مرونة في الاسترجاع!!
وفي المؤتمر العام لمنظمة هيئة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (Enesco ) المنعقد في باريس عام 1995؛ تم إعلان يوم 23 نسان ( أبريل) من كل عام، يوماً عالمياً للكتاب.تقديراً منها لدور الكتاب؛ بصفته أداة الأمم لنشر المعرفة، وتنوير المجتمعات البشرية، وإغناء مخزونها الثقافي الإنساني.وتشجيعا على ترسيخ عادة القراءة، بوصفها عنواناً للتحضر، وسمة للتقدم والارتقاء، وأملاً في أن يُرى الكتاب خلاله في كل يد، وعلى كل شفة ولسان؛ يقدَّم هدية لكل عزيز.
لقد أصبح الكتاب حاجة عليا للإنسان كالرغيف.. ففي عصر المعرفة والمعلومات الذي نعيش ثورته مصحوبة بثورة عارمة للاتصالات؛ كسرت الحدود والسدود وسائر القيود، وحولت العالم إلى قرية واحدة.. لم يعد الإنسان قادراً على العيش من دون معرفة ولا معرفة من دون كتاب، ولا كتاب من دون قراءة؛ لتصبح المعادلة في منطق هذا العصر: الإنسان هو الكتاب؛ لقد تماهيا معاً، فلم يعد الكتاب كما كان أيام المتنبي مجرد خير جليس، بل أصبح الكتاب هو الإنسان، من دونه يفقد الإنسان إنسانيته.