تخطي إلى المحتوى
صورته بقلم عاشق حلبي: عن الشاي الذي لا ينظر له أحد صورته بقلم عاشق حلبي: عن الشاي الذي لا ينظر له أحد > صورته بقلم عاشق حلبي: عن الشاي الذي لا ينظر له أحد

صورته بقلم عاشق حلبي: عن الشاي الذي لا ينظر له أحد

الشاي مشروب عادي وبسيط يصلح لكل الأوقات والمزاجات والمناسبات. الصبح يمكن أن تشرب الشاي .. في الليل يمكن أن تشرب شاي.. الظهر.. العصر.. وأنت حزين.. سعيد.. “مالل”.. في عزاء.. في قراءة فاتحة، وأنت تسمع فيروز،  وأنت تسمع نعيم الشيخ.

الشاي ليس مشروباً لوقت أو مناسبة معينة فقط.. الشاي لكل الأوقات

الشاي لا يعطيك فرصة للمتاجرة فيه وخلق تنظيرات عن أسباب حب الناس له.  صعب كتير تلاقي حدا حاطط صورة كاسة شاي وكاتب عليها بيتين شعر أو مقطع من أغنية على سبيل الغزل. ليس هناك أحد يعتبر الشاي رمزاً للعمق ولا من مسببات السعادة، وليس هناك أحدً  يشبّه مراراته بمرارة الحب من طرف واحد، بين بنت شقراء وعندها نمش، وشب عادي شغال كول سنتر بشركة سيريتل. الشاي ليس مراً في الأساس، حتى لو بسكر قليل أو بدون سكر يظل له طعم لطيف، بعيد عن المرارة.

الشاي هو الشاي.. مع احترامي للناس الذين يحبون الشاي بحليب والناس الذين يحبون الشاي بالنكهات: تفاح وخوخ ومشمش، لكن هذه كلها بدع أو على أحسن تقدير مشاريب مختلفة تماماً وليس لها علاقة بالشاي تبعنا.. الشاي تتغير هويته بإضافة أي شي عليه، باستثناء النعناع الأخضر والقرفة.

الشاي ثقافة.. يعني تجد كل منطقة لها الشاي الخاص بها: الخفيف، التقيل سكر زيادة، الخمير، وهناك من يحضرّه عالحطب. الشاي مشروب صديق للانسان يقوي داخله شعور التقرب من الناس وليس الاختلاف عنهم.

الشاي “مانو أوفر”… يعني وأنت تجلس بأي كافيه تطلبه بدقيقة من الكرسون: واحد شاي لو سمحت”.. أو شاي خمير يا عبدو، وخلصنا. مافي داعي للّعي وللتفاصيل وورقة وقلم وسجل عندك يا عبدو: بدي قهوة تركية وسط مغلية كتير بس إلها وش، ولا قلك شي أنا قايم اعملا لحالي انتو شو نوع البن اللي بتستعملوه؟

عمرك شفت حدا سأل الكرسون شو نوع الشاي اللي عندكن؟

كل الناس تعرف تعمل الشاي.. لست بحاجة إلى شهادة مختومة أن زوجة صديقك “اللي عازمك ع الغدا لأول مرة بعد ما اتجوز” تعمل شاي منيح وله وجه… قليل من الماء المغلي و”تلقيمة” والشاي سيكون جاهزاً وليس هناك أحد مضطر لأن يحرج أحداً ولا أن يجامله ويكذب عليه.

الشاي مشروب كل الطبقات الاجتماعية على اختلاف طقوسها

يمكن أن تشرب الشاي وأنت تأكل “سندويشة جبنة أو لبنة” الشاي يمنحك التأثير الذي أنت بحاجته..  إذا شربته صباحاً وأنت ذاهب للعمل و”مدروخ” رح يصحيك ويخليك تركز، وإذا شربته ليلاً وأنت تعاني الأرق سوف يهدئ أعصابك ويروق مزاجك ويساعدك أن تنام أسهل، وإذا شربته وأنت “متقل بالاكل وبطنك منفوخة” سوف يساعدك على الهضم ويريح معدتك، وإذا شربته وأنت جوعان سوف يمنحك الإحساس بالشبع وينسيك الأكل قليلاً، وإذا شربته وأنت “مالك نفس تاكل”  سوف يفتح لك شهيتك. الشاي يؤثر فيك على حسب نيتك. إنه مشروب روحاني.

وهو أرخص مشروب  في أي مكان. الشاي – بعكس القهوة مثلاً – يسمح لمحبينه أن يشربوه بشكل متواصل وبالتالي يشعرون دائماً أنهم “عم يعملو شي”.. يعني عادي كتير تلاقي واحد شربان 4 أو 5 كاسات شاي بالساعة وهو جالس. أنا مثلاً طول ماني قاعد في مكان ما، يجب أن يكون أمامي كاسة شاي.. إما ممتلئة لأشرب منها بسرعة وهي ساخنة “كرمال تفضى” وإما فارغة لأفكر  أنه يجب علي أن  قوم لأملؤها مرة تانية. يعني ما فيني شوف الكاسة مليانة وما فيني شوفا فاضية.

المصدر: 
مجلة " العربي القديم"