يتتبع هذا الكتاب ، الصادر حديثاً عن دار الفكر بدمشق للكاتب والباحث الاقتصادي حسين الشرع ، رحلة أجيال واعية، بدءًا من الوعي الفردي لشخصية "أمجد المظفر" وحتى حركة مجتمع بأكمله على مدار أكثر من سبعين عامًا.
يقدم الكاتب سردية صادقة لأحداث حقيقية، بعيدًا عن الخيال أو ادعاء البطولة، بهدف إفادة الأجيال الشابة التي ربما لا تعرف الماضي القريب، والذي ورثت منه تراكمات من الإحباطات والفشل. حيث يعود د. الشرع إلى جذور هذه الإحباطات، مستعرضًا اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 التي هدفت إلى تقسيم المنطقة العربية وتآمرت على وحدتها الجغرافية والديموغرافية، ثم نتائج الحربين العالميتين الأولى والثانية التي أدت إلى نشأة الكيان الصهيوني وتشتيت الشعب الفلسطيني. بالرغم من محاولات الوحدة العربية، مثل تجربة سوريا ومصر عام 1958، إلا أن القوى الاستعمارية نجحت في ضرب هذه المحاولات وشلّ الفكرة القومية. لكن الكاتب في سيرته الذاتية تلك، لا يتجاهل الفترة الذهبية من الانتصارات الوطنية التي شهدتها المنطقة، كاستعادة مصر لقناة السويس عام 1956، واستقلال الجزائر، وتونس، والمغرب، وتوحيد ليبيا، وتحرير العراق، وقيام الثورات في اليمن، وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، جاءت نكسة 1967 لتشكل طعنة موجعة، دفعت إلى قيام الثورة الفلسطينية التي واجهت مؤامرات داخلية وخارجية أدت إلى تشريد المقاتلين وتفجر الانتفاضات. ومع انطلاق الربيع العربي، تكرر المشهد بتدخل القوى الاستعمارية التي حولت الجهود الثورية إلى صراعات دامية وتدمير للبلاد وتهجير للشعوب، مع تدخل أطراف دولية لقمع إرادة الثورة.
يؤكد الكاتب أن "أمجد المظفر" يمثل الآلاف بل الملايين من الشباب الذين انخرطوا في هذه الأحداث، مشددًا على أن الصراع لا يزال محتدمًا، وأن التاريخ يعيد نفسه بوجوه جديدة، ونضالات متميزة، وكوابح مستحدثة. ويختتم الكتاب رسالته للأجيال اللاحقة، مؤكدًا أن الفقر ليس سببًا للانكفاء، بل دافعًا للثورة والعلم والمثابرة، وأن القضية الوطنية لا تتجزأ، وأن السلوك النظيف والجرأة في قول الحقيقة واجبان، رغم استمرار مؤامرات القوى المعادية للأمة من الداخل والخارج.