يطل عيد الأم فتتزين له متاجر الورد، وتنهال العروض والخصومات على هدايا الأمهات، وتعج صفحات التواصل بالتهاني، ويعلو صوت التلفاز والمذياع بأغنية فايزة أحمد الشهيرة "ست الحبايب يا حبيبة".
في هذا التقرير، نرصد مواعيد وعادات عيد الأم في العالم، ونلقي نظرة تاريخية على فكرته والبدايات الأولى لظهورها.
عيد الأم.. نظرة تاريخية
بدأ الاحتفال بعيد الأم في العصر الحديث عام 1872، حينما دعت المؤلفة الأميركية جوليا وورد هوي للاحتفال به من أجل التخفيف من معاناة الشعب الأميركي الذي عانى أهوال حرب أهلية كانت قد وضعت أوزارها قبل سنوات قليلة حينذاك.
كان أول احتفال بعيد الأم عام 1908، عندما أقامت آنا جارفيس ذكرى لوالدتها في أميركا. وبعد ذلك بدأت بحملة لجعل عيد الأم معترفا به في الولايات المتحدة.
وآنا جارفيس هي ناشطة أميركية ولدت في 1864، كانت أمها دائماً تردد العبارة التالية: "في وقت ما، وفي مكان ما، سينادي شخص ما بفكرة الاحتفال بعيد الأم" وتترجم رغبتها هذه في أنه إذا قامت كل أسرة من هذه الأسر المتحاربة مع بعضها بتكريم الأم والاحتفال بها سينتهي النزاع والكره الذي يملأ القلوب، وعندما توفيت والدة آنا، أقسمت لنفسها أنها ستكون ذلك الشخص الذي سيحقق رغبة أمها ويجعلها حقيقة.
عام 1914، أعلن الرئيس الأميركي وودرو ويلسون يوم عيد الأم عطلة وطنية رسمية، وانتشرت الاحتفالات ووصلت معظم بلدان العالم.
عيد الأم في العالم العربي
أول من فكّر في عيد للأم في العالم العربي كان الصحافي المصري الراحل علي أمين - مؤسس جريدة أخبار اليوم مع أخيه مصطفى أمين - حيث طرح علي أمين في مقاله اليومي "فكرة" فكرة الاحتفال بعيد الأم قائلا: "لماذا لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه "يوم الأم" ونجعله عيداً قومياً في بلادنا وبلاد الشرق.
ثم حدث أن قامت إحدى الأمهات بزيارة للراحل مصطفى أمين في مكتبه وقصت عليه قصتها وكيف أنها ترمَّلت وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرّست حياتها من أجل أولادها، وظلت ترعاهم حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقلوا بحياتهم، وانصرفوا عنها تماماً. فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير "فكرة" يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها، وكان أن انهالت الخطابات عليهما تشجع الفكرة، واقترح البعض أن يخصص أسبوع للأم وليس مجرد يوم واحد، ورفض آخرون الفكرة بحجة أن كل أيام السنة للأم وليس يومًا واحدًا فقط. إلا أن أغلبية القراء وافقوا على فكرة تخصيص يوم واحد، وبعدها تقرر أن يكون يوم 21 مارس ليكون عيداً للأم، وهو أول أيام فصل الربيع؛ ليكون رمزًا للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة.
مواعيد وطقوس الاحتفال
تختلف تواريخ الاحتفالات بعيد الأم من دولة لأخرى، وفي ما يلي مواعيد ومراسم الاحتفال الخاصة ببعض الشعوب:
- تعد مصر أول بلد عربي يحتفل بعيد الأم عام 1956، ولا يزال الاحتفال به قائما في معظم البلدان العربية يوم 21 مارس/آذار كل عام، وهو بداية فصل الربيع. ويحتفل به المغرب وتونس والجزائر يوم الأحد الأخير من مايو/أيار كل عام.
- في حين يحتفل شعب السويد بعيد الأم في آخر يوم أحد من يونيو/حزيران، وهو إجازة رسمية في البلاد، وتحتفل به فرنسا في الأحد الأول من يونيو/حزيران، ومن مظاهر الاحتفال تناول الأسر العشاء معا وصنع الحلوى للأمهات.
- وتحتفل الولايات المتحدة الأميركية في الثاني من مايو/أيار، وهو عطلة رسمية، كما يحتفل الشعب المكسيكي بهذا اليوم في العاشر من مايو/أيار.
- ويستمر الاحتفال في إثيوبيا من يومين إلى 3 أيام فور انتهاء موسم الشتاء، وتحتفل جنوب أفريقيا وكندا وأستراليا في الأحد الثاني من مايو/أيار.
- أما اليابان، فتنظم معرض "أمي" الذي يتضمن رسوم الأطفال لأمهاتهم، فضلا عن إقامة المعرض المتجول كل 4 أعوام، ويعد اليوم الرابع من "الصوم الكبير" لدى المسيحيين يوم الاحتفال بعيد الأم في كل من إنجلترا وأيرلندا.
- في حين يحتفل الشعب الإسباني بيوم الأم في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، الذي يرتبط بيوم تكريم الكنيسة للسيدة مريم العذراء. أما يوغوسلافيا، فتحتفل به في الأحد الأول من ديسمبر/كانون الأول، وتستمر الاحتفالات 3 أيام.
- وأخيرا، يستمر الاحتفال بالعيد في الهند 10 أيام في أكتوبر/تشرين الأول، ويطلق عليه "درجا برجا"، وهو اسم قديسة في المعتقدات الهندوسية، ويمثلونها على أنها طويلة القامة ولها 10 أذرع، وتحمل في كل ذراع سلاحًا للقضاء على الشر.
- ورود وحلويات
وأبرز مراسم الاحتفال بالبلدان المختلفة تتمثل في جلب الورود والهدايا وإعداد الحلوى والكعك، كما تتميز بعض الدول بمراسم مميزة مثل أستراليا، التي يرتدي شعبها اللون الأبيض لتكريم الأم المتوفاة، والألوان الأخرى للاحتفال بالأمهات اللائي لا يزلن على قيد الحياة.
أما عند الشعب اليوغوسلافي، ففي اليوم الأول من أيام الاحتفال يقوم الآباء بتقييد الأبناء ثم إطلاق سراحهم فور الاعتراف بولائهم، وفي اليوم الثاني يقيد الأبناء أمهاتهن حتى يعطين لهم الحلوى والهدايا، أما اليوم الثالث فيحتفل الأبناء بعيد الأب ويقيدون الأب ثم يطلقون سراحه بعد أن يمنحهم وعده بشراء ملابس جديدة.