قال رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة محمد حسن علوان لـ"اندبندنت عربية" إنهم أعادوا توزيع دور النشر وفق التنظيم السابق وفعاليات المناسبة ليست لإثارة الجدل... تفصل المنشغلين بالثقافة والنشر ساعات معدودة على انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب، المناسبة الأكبر اقتصادياً في المنطقة والأضخم من حيث عدد دور النشر التي بلغت ذروتها في العام الماضي بـ 1000 عارض نجحوا في جذب قرابة مليون زائر.
المعرض المرتقب انطلاقه في 29 سبتمبر (أيلول) الحالي هو الثاني تحت تنظيم هيئة الأدب والنشر والترجمة، بعد انتقال تنظيمه من وزارة الإعلام إليها. وعلى رغم أن برنامج المعرض لم يعلن حتى الساعة، فإن التوقعات منه عالية، والتساؤلات حياله تتجاوز برنامج المعرض وجدول فعاليته إلى الأمور التنظيمية الأساسية.
حاورت "اندبندنت عربية" رئيس الهيئة محمد حسن علوان حول المعرض القادم، وتحدث عن ملاحظات الزوار على برنامج معارض الكتاب، وملاحظات العارضين عن الجوانب التنظيمية، إضافة إلى دور النشر السعودية والدولية ومعارض الكتب الأخرى بعد تعددها وانتشارها في مدن سعودية عدة.
معرض الكتاب ليس لإثارة الجدل
لا يقتصر معرض الكتاب على رفوف العارضين والإصدارات الجديدة، بل يتجاوزها إلى أنشطته التي تكون في كثير من الأحيان جاذبة للزوار الذين يقضون وقتاً طويلاً في المعرض.
ويتناول رواد المعرض مواضيعها المختارة بأنها تسعى إلى تجنب ما يمكن أن يكون مثيراً للجدل، وتحرص على الهدوء عن طريق طرح مواضيع يراها البعض تقليدية، في حين أن ما يميز مناسبة معرض الكتاب عن بقية العام ليس بيع الكتب أو تناولها فقط، بل بالحراك والضجيج الذي يفترض أن تثيره.
وهنا يعلق علوان بالقول "برنامج معرض الكتاب الثقافي يهدف إلى تعظيم الفائدة وإثراء المتلقي، لا إثارة الجدل، ولم يعتمد إثارتها. وعلى رغم هذا نال البرنامج الثقافي لمعرض الرياض في العام الماضي رضا نسبة كبيرة من الجمهور بحسب إحصائيات قياس تجربة الزائر التي تم تطبيقها في المعرض، ونعتزم أن يكون هناك تحسن مستمر في البرنامج الثقافي كل عام".
فنون وأنشطة أخرى تزاحم الكتاب
سعت هيئة الأدب في النسخة السابقة لخدمة مجالات اهتمام وزارة الثقافة المختلفة من خلال الاستثمار في ورش الطبخ وجلسات الأزياء والحفلات الموسيقية المصاحبة، وهي عملية اعتبرها البعض تشتيتاً لهدف المعرض، بخاصة أنهم أتوا إليه بحثاً عن منتجات الكتب، في حين كان من المفترض أن يركز على الإنتاج الثقافي المقروء ويترك المجالات الأخرى تنظم أنشطتها في فعاليات منفصلة كما جرت العادة، وعليه يقول رئيس الهيئة "معرض الكتاب هو تظاهرة ثقافية كبرى محورها الكتاب وصناعة النشر. وجميع القطاعات الثقافية من فنون وأزياء وطهي وفنون العمارة والتصميم وغيرها تعتمد على الكتاب بشكل أو بآخر لإيصال حمولتها الثقافية، بالتالي فإن تفعيلها في المعرض هو أمر طبيعي، ومعمول به في معارض عالمية كبرى على مستوى العالم".
وأضاف "توجد دور نشر متخصصة فيها منشورات خادمة لقطاع معين دون غيره مثل الطبخ أو الأزياء ويتم بيعها في المعرض، بالتالي فمن الطبيعي أن يواكب ذلك فعاليات داعمة ضمن البرنامج الثقافي".
دور النشر
بصفته المعرض الأكبر في المنطقة من ناحية الزوار والمبيعات، تتلقى الجهة المنظمة آلاف طلبات التقديم من قبل دور النشر، وهو ما يضعها أمام ضرورة المفاضلة للاختيار من يسمح لهم بالمشاركة، وهو ما يطرح سؤالاً حول المعايير التي تعتمدها الهيئة لاختيار المشاركين بطريقة عادلة.
وحول هذا يقول رئيس الهيئة المنظمة إن معارض الكتاب في السعودية لديها محددات معينة في الاختيار تتطلب أن تخدم هذه الدوار أهدافاً معينة، وهي "أولاً، مساهمتها في إنجاح المعرض من ناحية المكان والزمان وثيمته المقترحة. ثانياً، خدمة أكبر عدد ممكن من دور النشر من أجل ترجمة دور السعودية الريادي في دعم صناعة النشر في العالم العربي بشكل عام، بالتالي تتم المفاضلة بين دور النشر المتقدمة بحسب القيمة الثقافية لمنتجاتها، وتأثيرها في سوق النشر العربي والعالمي، مع الحرص على منح دور النشر الصغيرة والناشئة فرصتها أيضاً في الاستفادة من المعرض والنمو بشكل ناجح ومستدام".
ولهذا السبب تمت زيادة مساحة معرض الرياض الدولي للكتاب في نسخة 2022 أكثر من 50 في المئة"، بحسب علوان.
7 معارض للكتاب
وحول معالجة الطلب المتزايد على الالتحاق بالمعرض، يعلق "تحظى معارض الكتاب السعودية بإقبال كبير من دور النشر على مستوى العالم، لذلك نسعى إلى زيادة عدد معارض الكتب السعودية. ففي هذا العام، أطلقنا معرض المدينة المنورة للكتاب لأول مرة"، بجوار معرض في جدة والشرقية ليرتفع عدد معارض السعودية إلى أربعة.
وقال إن برنامج معارض الكتاب يستهدف أن يكون هناك سبعة معارض سنوية موزعة في مختلف مناطق السعودية، مضيفاً "يتم إطلاق كل معرض جديد بعد استيفاء دراسات السوق ومستوى العرض والطلب ومدى رغبة الناشرين في الدخول إلى أسواق معينة. نأخذ بعين الاعتبار ألا تضر هذه المعارض بعضها بعضاً، بل تتكامل من أجل صناعة نشرة احترافية".
دور النشر السعودية
منذ نشر محمد علوان روايته الأولى "سقف الكفاية" في 2002 وهو يفضل دار الساقي اللبنانية ناشراً وموزعاً لكتبه حتى روايته البوكرية "موت صغير"، فإن التزاماً إدارياً على ما يبدو دفعه إلى تغيير ناشره بعد هذه الفترة الطويلة إلى دار "تشكيل"، وهي دار نشر سعودية نشرت "جرما الترجمان" أولى رواياته بعد أن تقلد أعلى منصب رسمي في البلاد ذا علاقة بقطاع النشر والأدب.
هذه التنازل عن الناشر المفضل يأتي في إطار المسؤوليات التي يوليها للقطاع المحلي وضرورة تطوير مواطن الضعف فيها، وحول هذا يقول "دور النشر السعودية ليست جديدة على سوق النشر العربية، ولكنها عانت في العقود السابقة من بعض التحديات التشريعية والتجارية التي حدت من قدرة بعضها على النمو والمنافسة".
وأضاف "وضعت هيئة الأدب والنشر والترجمة في مقدمة أولوياتها دعم صناعة النشر السعودية عبر مجموعة من البرامج المضمنة في استراتيجيتها. ومع البدء في تطبيقها، لاحظنا أن دور النشر السعودية الناشئة واعدة جداً وذلك لتبنيها أفكاراً متجددة، وقيادات شابة، واستثمارها في التقنية بشكل كبير. وأعتقد أنها بدأت تتحول إلى فرص استثمارية تستحق أن تلتفت إليها رؤوس الأموال الباحثة عن نمو مستدام في هذا القطاع".
وعليه أطلقت الهيئة برنامج "مسرعات الأعمال" التي احتضنت عدداً من هذه الدور في سبيل تطويرها، وستطل هذه الدور لأول مرة في المعرض بعد أن عبرت المسرعات.
لن تنافس المكتبات دور النشر
تعاني دور النشر العربية من تحديات اقتصادية، وتستغل معارض الكتاب في العادة للتسويق لمنتجاتها وتحقيق انتشار أكبر، إلا أنها تخوض معركة ضد المكتبات، إذ تحضر المكتبات الكبيرة ذات الملاءة المالية المنافسة للمعرض وتبيع كتب دور النشر وتنافسها على المنتج نفسه تجاه ذات الشريحة، وهو ما تعده مشكلة تنافسية لأنها لا تملك قدرة المكتبات على التحرك في الهامش السعري.
ويعلق محمد حسن علوان بالقول "وجود المكتبات في معارض الكتاب السعودية محدود ومشروط، إذ لا يسمح لأي منها، أو أي جهة أخرى، ببيع أي منتج في المعرض من دون توكيل من الناشر يفوض بموجبه المكتبة أو ناشراً آخر ببيعه نيابة عنه".
ملاحظة أخرى سجلها العارضون في النسخة الماضية، وهو تقسيم المعرض الذي كسر النمط المعتاد بتوزيع دور بحسب الجنسية واختار توزيعها بشكل مختلف مال أكثر نحو التوازن في وضع العلامات المشهورة بجوار من هي أقل شهرة، ما أضر قدرة الزائرين على رسم خريطة للتجول بسبب كبر حجم المعرض.
وعلى هذا يعلق "جميع ملاحظات أصحاب المصلحة من عارضين وزوار تم رصدها وبحثها بدقة، وسنقوم في هذا العام بتطبيق ما ثبت جدواه منها. وأحد هذه التحسينات ستكون إعادة توزيع دور النشر بحسب الدولة قدر المستطاع، وكذلك إعادة تصميم المعرض بالكامل لتحسين مساحة العرض لكل جناح".