"استطعم مدينة بورسعيد وكأني أتعرف عليها للمرة الأولى"، هكذا وصفت نعمات حسونة زيارتها لسفينة المكتبة العائمة "لوغوس هوب" الراسية على رصيف ميناء بورسعيد السياحي منذ 5 يناير/ كانون الثاني الجاري، وتستمر زيارتها للمدينة المصرية الساحلية حتى الحادي والعشرين من الشهر نفسه.
تسكن نعمات، الباحثة في وزارة التنمية الإدارية، في مدينة الإسماعيلية التي تبعد 80 كيلو متراً إلى الجنوب من بورسعيد، وتقول لرصيف22: "اعتدت زيارة بورسعيد لشراء الملابس في المناسبات، ولكن هذه المرة تعرفت على المدينة بشكل جديد".
عندما قرأت نعمات خبر قرب وصول السفينة "لوغوس هوب"، التي توصف بأنها أكبر مكتبة عائمة في العالم، لبورسعيد قبل نحو شهر من وصولها، بدأت التخطيط للزيارة، بعد أن أثارت فضولها الحملة الدعائية الكبيرة التي سبقت الزيارة: "المرة دي عشان زيارتي لبورسعيد زيارة ثقافية، أول مرة أركز في تفاصيل الشوارع والبيوت".
ما هي "لوغوس هوب"
رست السفينة " لوغوس هوب"، في ميناء بورسعيد ضمن رحلتها في البحر المتوسط، وفي طريقها إلى خليج العقبة. بعد اثني عشر عاماً من مرورها الأول بقناة السويس.زارت نعمات بورسعيد مرات عديدة لشراء الملابس والأحذية والعطور بأسعار مناسبة، حيث تعد المدينة "سوقاً حرة" مفتوحة، ولم تلتفت من قبل للتراث المعماري والتاريخي للمدينة، قبل أن تأتيها لزيارة مكتبة "لوغوس هوب"
ويضم المعرض العائم مجموعة كبيرة من الكتب تصل– حسب الموقع الرسمي للسفينة- إلى أكثر من 5000 عنوان، تتنوع موضوعاتها بين العلوم، والرياضة، فن الطبخ والفنون، الطب والمعاجم واللغات إلى جانب بعض الكتب الدينية.
و"لوغوس هوب" هي الأكبر بين سفينتين مملوكتين لمنظمة GBA Ships، وهي منظمة مسيحية تعتمد على التطوع، لا تمارس نشاط التبشير بشكل مباشر وخاصة في الدول التي تُجرِّم التبشير لغير المسيحيين، ومنها مصر، وتهتم حسب رسالتها المعلنة بنشر الأمل والتبشير بمحبه الله لمخلوقاته والأمل في عدله ورحمته والأمل في التضامن الإنساني في الموانئ التي ترسو فيها مكتبتاها العائمتان.
انفراجة سياحية
استقبلت بورسعيد حافلات رحلات سياحية من محافظات القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية والسويس لزيارة السفينة العائمة، ما مثل فرصة رواج سياحي استثنائية لبورسعيد التي تشهد إقبالاً على السياحية الشاطئية في فصل الصيف، واحتفالات رأس السنة، لكنها تعاني التباطؤ السياحي في باقي الشهور.
وقالت هيئة تنشيط السياحة ببورسعيد، في بيان: "نستعد للترويج للأماكن السياحية والحدائق المطورة، وخاصة ملّاحات بور فؤاد وحدائق النصر وفريال".
نعمات التي رأت وجوهاً أخرى لبورسعيد غير الأسواق المخفضة للملابس والأحذية ومنتجات التجميل، تعتبر أن زيارة السفينة "حدثاً فريداً، "لأول مرة أصعد على متن سفينة بها مكتبة، برغم أني أرى السفن المارة بقناة السويس في مدينتي الإسماعيلية، إلا أنها المرة الأولى التي أصعد على متن واحدة، وكان الوقت المحدد لزيارة المكتبة ساعة واحدة. ثم جعلت بقية اليوم فرصة للتعرف على المدينة، لتتحول زيارتي للسفينة إلي رحلة ترفيهية".
تفتح "لوغوس هوب" أبوابها أمام الزوار من العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساءً، وتتيح مساحة المكتبة الضيقة لوجود ما يقرب من 300 شخص، ويسمح للزوار بالتحرك في خط واحد من دون فرصة للرجوع إلى أي منطقة مررت بها من قبل.
تضيف نعمات: "كنت أنوي اقتناء كتب واعتقدت أن السفينة سيكون بها مجموعة مختلفة من الكتب العالمية، ولكن لم أجد ما كنت أتخيله من موسوعات عالمية، وأعجبني نسخ من كتب تطوير الذات والجغرافيا ولكن أسعارها جعلتني اكتفي بشراء بعض التذكارات من السفينة. قارنت بين المعروضات وما يمكن أن أجده في معرض القاهرة للكتاب وفضلت الانتظار للمعرض، فقد تكون الأسعار أقل".
تتفق معها دلال عبد الموجود، طبيبة بشرية جاءت لزيارة السفينة من مدينة القاهرة: "أعجبت بنسخة حديثة من أطلس العالم ورغبت في اقتنائها ولكني تراجعت عندما علمت أن سعرها 540 جنيهاً، المبلغ كان كبيراً بالنسبة لميزانيتي".
هذه هي المرة الأولى التي تصعد فيها دلال على متن سفينة "كانت تجربة مدهشة، الزحام داخل مكتبة السفينة جعلنا نتحرك بسرعة واقتنيت كتباً بسيطة لأطفالي باللغة الإنجليزية".
وصلت دلال إلى بورسعيد في رحلة مع مكتبة حي مصر الجديدة التي تسكنه بالقاهرة، مقابل 180 جنيهاً، في رحلة لزيارة السفينة وقضاء بقية اليوم في مدينة بورسعيد وضواحيها، وتصف دلال عبور قناة السويس عبر المعدية بأنه "كان مدهشاً مع أسراب النورس التي تحلق حول القوارب".
دعاية استثنائية
علي متن السفينة اختار عبد الله محمد كرسياً يتوسط كوة تطل على البحر في منطقة الانتظار ومطعم السفينة، لقراءة كتاب صغير اشتراه، بينما يرى من موقعه رصيف الميناء وقوارب الصيد القريبة منه.
يقول عبد الله لرصيف22: "كنت أتخيل وجود مساحة مفتوحة للقراءة على متن السفينة، وتمنيت أن تحظى ابني بهذه التجربة ليزيد تعلقه بالقراءة، ولكن مساحة السفينة والحركة في حط دائري حول المكتبة بددتا هذه الفكرة، واكتفينا بالجلوس في المطعم قليلاً بجوار النافذة".
زائر للمكتبة: "لم أشتر كمية كبيرة من الكتب بسبب الأسعار المرتبطة بالدولار، والأسعار كانت عائقاً أمام الشراء، وقارنتها بأسعار كتب مشابهة للأطفال في إصدارات مكتبة نهضة مصر والهيئة العامة للكتاب"
مثل الوقت المحدود للزيارة والذي لا يزيد على ساعة واحدة للفرد أمراً محبطاً بالنسبة لعبد الله، الذي يضيف: "تمنيت أن نقضي اليوم بأكلمه في جولات على السفينة، ولكن عرفت عند وصولي أن فترة الزيارة ساعة على الأكثر، ولذلك اتفقت مع نجلي تحويل الزيارة إلى جولة ترفيهية في السفينة ثم التعرف على بورسعيد التي يزورها معي للمرة الأولى".
يتعجب عبد الله من فارق الضجة التي تحاط بها زيارة السفينة مقابل معرض القاهرة الدولي للكتاب، فطوال ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تعرض الأب الشاب لأخبار ودعاية مكثفة عن قرب وصول السفينة وجدول عروضها، مما زاد من حماسه لزيارتها، على العكس من معرض القاهرة للكتاب، الذي يقام سنوياً في العاصمة التي يقطنها، ولا يحظى بنفس الدعاية.
بتابع: "لم أشتر كمية كبيرة من الكتب بسبب الأسعار المرتبطة بالدولار، والأسعار كانت عائقاً أمام الشراء، وقارنتها بأسعار كتب مشابهة للأطفال في إصدارات مكتبة نهضة مصر والهيئة العامة للكتاب".
الرحلات الترفيهية في بورسعيد أصبحت جزءاً من برنامج السفينة في أيام الآحاد، ونظمت هيئة تنشيط السياحة ببورسعيد جولة لفريق البحارة ومتطوعي السفينة للتجول بشوارع المدينة بزيارة كنائس المدينة وأقدم مساجدها وجبال الملح.
فيما قام فريق المتطوعين القادمين مع السفينة بجولات لنظافة رصيف الميناء والشارع المقابل له، قال عنه متطوع بالسفينة إنه إجراء طبيعي يقوم به الفريق في كل ميناء يزورونه وفقاً لصحف محلية.