تخطي إلى المحتوى
نحو النص عند العرب.. دراسة لغوية تأصيلية لمحمد المسلمي نحو النص عند العرب.. دراسة لغوية تأصيلية لمحمد المسلمي > نحو النص عند العرب.. دراسة لغوية تأصيلية لمحمد المسلمي

نحو النص عند العرب.. دراسة لغوية تأصيلية لمحمد المسلمي

صدر حديثا، كتاب نحو النص عند العرب، للدكتور محمد بن سالم بن خلفان المسلمي، الكتاب يقع في 327 صفحة من الحجم المتوسط، يزينه غلاف فاخر تتوسطه حروف الهجاء العربي، الناشر دار الفكر المعاصر، يقول المؤلف عن كتابه إنه يؤصل مصطلح (نحو النص) وتجلياته في وجوه تناوله، إن كانت تكمن فيما أنجزه العرب: صوتا وصرفا ومعجما وتركيبا، من خلال ملابسات القول وموجهاته، موظفا مناهج اللغويين في (معاني القرآن) و(إعجازه)، و(شروح الشعر) يتخذها منطلقات للتحليل، والكتاب فريد في منهجه وأدوات بحثه، والمكتبة العربية بحاجة ماسة لهذا النوع من البحث.

يقدم للكتاب الأستاذ الدكتور سعيد جاسم عباس الزبيدي، الذي يصف المسلمي بنجم بين طلبة الدراسات العليا، باحثا واعدا، حقق ظني به برسالته في الماجستير(التوجيه الصوتي للقراءات بين ابن خالويه وأبي علي الفارسي)، وأنه أحاط بما يمكنه من زمام النحو بمفهومه الواسع، وفي دراسته (نحو النص في التراث العربي ـ دراسة تأصيلية) ليؤكد أن العرب لم يجترحوا هذا المصطلح، ولكنهم تناولوا كل مستويات البحث اللغوي الخمسة، صوتا وصرفا ومعجما وتركيبا ودلالة في مؤلفاتهم التي اتخذت من النص منطلقا تطبيقيا في عرض مسائل اللغة، ويدعو المتخصصين والقراء ليروا ما بتراثنا ما نفخر به، ولا نصبح مع من يطبل بلا وعي أن عربيتنا قاصرة، وحاشا أن تكون لغة التنزيل إلاّ أن تبقى صالحة لكل زمان ومكان.

يؤكد المؤلف في المقدمة إن القرآن بإعجازه ارتقى بأساليب اللغة العربية، وكان يمكن أن ينطلق منه الدرس النحوي، ويستفيد من أساليبه، وقد دفع ذلك مؤلفي كتب معاني القرآن وإعجازه إلى أن وجدوا منه بغيتهم في بيان قدراتهم اللغوية، فاستعرضوها بعيدا عن ربطها بالدلالة المنتزعة من الأبيات في كثير من المواضع، وأن قوة النحو العربي بلغت أوجها في كونه علما نصيا انطلق من النص القرآني والشعر القديم، وأن النحاة وجدوا في القرآن الكريم مجالا واسعا لتفسير المعاني وتأويلها.

يبدأ الكتاب أولاً بشرح (مفهوم نحو النص)، يتناول فيه الكاتب مفهوم النحو، ومفهوم النص، ثانيا (منطلقات نحو النص)، يستعرض فيه نشأة العلوم العربية، ثالثا (عناية اللغويين القدامى بالنص ـ معاني القرآن) ويبرز فيه عناية اللغويين القدامى بالنص القرآني، من حيث معانيه وإعجازه وإعرابه وتفسيره وتفرده بالتعبير.

الفصل الأول عن المستوى الصوتي، ويتحدث فيه عن الإبدال والإعلال والإدغام والقلب والتثقيل (التشديد) والتخفيف، ويرى أن العلماء القدامى عالجوا الأصوات في سياق علوم شتى، ولم يكن مستقلا مثل العلماء المحدثين، فالخليل وسيبويه عالجا بعض القضايا متفرقة، وكذلك علماء التفسير والقرآن والتجويد والحديث، وهذا العلم مصطلح مستقل للصوتيات لم يظهر إلا عند العلماء المحدثين.

الفصل الثاني بعنوان (المستوى الصرفي)، يستشهد الكاتب بحديث ابن جني الذي يقول فيه: كان من الواجب على من أراد معرفة النحو أن يبدأ بمعرفة التصريف، لأن معرفة ذات الشيء، ينبغي أن يكون أصلا لمعرفة حاله المتنقلة، ولم يفرد كثير من أهل التأليف للصرف كتبا قبل أبي عثمان المازني، لما فيه من الصعوبة، فكانوا يبدؤون بالنحو، ويكون الصرف تابعا في آخر الدراسة مبحثا قصيرا في آخر الكتاب، ويرى ابن جني أنه ينبغي أن يبتدأ به قبل دراسة النحو.

الفصل الثالث بعنوان (المستوى المعجمي)، ويؤكد فيه أن المستوى المعجمي يدرس الجملة والنص اللغوي عن طريق تحليل معنى الكلمات وتصنيفها والكشف عن العلاقات الدلالية بين الكلمات في الحقل الدلالي الواحد، وكان للعلماء العرب جهود عظيمة في تصنيف الألفاظ وجمعها، والكشف عن مكوناتها الدلالية، والكشف عن العلاقات الدلالية بين الكلمات والألفاظ العربية.

الفصل الرابع يتناول المستوى التركيبي :(النحوي)، حيث وجد المسلمي أن الفراء أول من استعمل هذا المصطلح، وقد كان ذلك في ثلاثة مواضع، في قوله تعالى(سواء عليكم أدعوتمومهم أم أنتم صامتون)، فقال فيه شيء برفع (سواء عليكم) لا يظهر مع الاستفهام، ولو قلت: سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم تبين الرفع الذي في الجملة، والثاني تقول: تبين لي أقام زيد أم عمرو، فتكون الجملة مرفوعة في المعنى كأنك قلت: تبين لي ذاك، والثالث: أضاف في قوله تعالى (الحمد لله رب العالمين) فقال يكون في الجملة في معنى نصب ترفعها بالكلام، كذلك قوله تعالى (سلام على نوح في العالمين) ترفعه بعلى وهو في تأويل نصب، ولو كان: تركنا عليه سلاما كان صوابا.

وفي الخاتمة يعدد المؤلف أهم النتائج التي خرج بها من الدراسة الوافية لعلم النص وفهم أبعاده في تفسير الظواهر والأساليب التي يشتمل عليها.

المصدر: 
جريدة " الوطن" العمانية