تخطي إلى المحتوى
فيلم «هاتف السيد هاريغان»: محاولة الاستمتاع بالحياة بعيداً عن هوس التكنولوجيا! فيلم «هاتف السيد هاريغان»: محاولة الاستمتاع بالحياة بعيداً عن هوس التكنولوجيا! > فيلم «هاتف السيد هاريغان»: محاولة الاستمتاع بالحياة بعيداً عن هوس التكنولوجيا!

فيلم «هاتف السيد هاريغان»: محاولة الاستمتاع بالحياة بعيداً عن هوس التكنولوجيا!

استنادا إلى قصة قصيرة تحمل الاسم نفسه من مجموعة الكاتب ستيفن كينغ لعام 2020 «إذا نزفت» قام المخرج جون لي هانكوك بتحويل قصة «هاتف السيد هاريغان» إلى شريط سينمائي. تبدأ قصة الفيلم في عام 2003، عندما بدأت التكنولوجيا الرقمية للتو في غزو بلدة هارلو الصغيرة، حيث يعيش كريغ (الذي يلعب دوره تجسيد ما قبل سن المراهقة كولن أوبراين) مع والده الأرمل (جو تيبيت). لا يزال كريغ طفلا عندما توفيت والدته بمرض السرطان في عام 2003 تاركة إياه وحيدا في بلدته الصغيرة (مين) مع والد محروم بالقدر نفسه. تجذب تلاواته وقراءاته للكتاب المقدس في الكنيسة انتباه السيد هاريغان (دونالد ساذرلاند) وهو ملياردير كبير السن ويعاني من ضعف البصر، متقاعد ويسكن في قصره المهيب. الثقة والصداقة بدأ الفتى كريغ في قراءة الكتب للسيد هاريغان، مقابل خمسة دولارات في الساعة، ويعبر الفتى كريغ عن متعته في قضاء وقتهما معا في قراءة الكتب ومناقشاتهما، فيقول: «جئت إلى هنا لأنني عندما أقرأ بصوت عال، يمنحني ذلك إحساسا بالقوة التي لا أملكها خارج هذه الغرفة. لقد جئت إلى هنا لأنني أريد ذلك». خلال ذلك الوقت تشكّل بين كريغ والسيد هاريغان نوع من الصداقة.. يجتمعان عدة مرات في الأسبوع، ويتحدثان عن الكتب والحياة. يمنحه السيد هاريغان بطاقة يانصيب فيربح كريغ مبلغ 3000 دولار، ويشتري من هذا المبلغ هدية للرجل العجوز وهو جهاز آيفون عرفاناّ منه بدعمه وصداقته له. بوابة الأمراض الاجتماعية في البداية يرفض السيد هاريغان هذه الهدية، موضحاً سلبيات هذه التكنولوجيا وكيفية استخدام هذه الأجهزة للأخبار المزيفة والمعلومات المضللة (إنه «خائف من هذه الصرعة») واصفا إياه بأنه «بوابة المخدرات» لجميع أنواع الأمراض المجتمعية، «كلنا بحاجة إلى أن نكون خائفين جدا من هذه الميزة» كما يقول. يتحول الفيلم إلى رسالة تحذيرية حادة عن مخاطر التكنولوجيا ووسائل الاتصال وفي مصداقيتها في الاعتماد عليها مصدراّ للأخبار. فالسيد هاريغان يخشى إضاعة الوقت، ويفضل العيش في الحاضر والتواصل مع الناس بدلا من الانفصال عن الحياة. وبدلا من ذلك، يحبس السيد هاريغان ألمه بعيدا في غرفة سرية يصفها بأنها مليئة بـ»الأسرار الرهيبة». وكذلك يتنبأ السيد هاريغان بمستقبل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. نخب التكنولوجيا يحاول الشاب كريغ أن يبين لهاريغان أهمية الإنترنت والأجهزة الإلكترونية في تسهيل معاملاته المالية ومتابعة البورصة من «وول ستريت جورنال» بدلا من انتظار الصحيفة في اليوم التالي، وكذلك الريادة في مجال الأعمال على البقاء على رأس السوق والأخبار المالية العاجلة. فيتعلم من كريغ طريقة استخدامه للهاتف. لم يمض وقت طويل قبل أن يكون هاريغان نفسه مدمنا، حتى إنه لا يستطيع مقاومة هذا الإدمان التكنولوجي. يقوم هاريغان بتعليم كريغ الأعمال التجارية والمالية والأدب وقراءة الروايات، والآن يعلمه كريغ التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. كلاهما يجلب شيئا للآخر. وهذا هو السبب في أنه من المفجع للغاية أن نرى عندما يأتي كريغ إلى المنزل ليجد السيد هاريغان ميتا على كرسيه. يجلس كريغ ويقرأ له للمرة الأخيرة بينما ينتظر المساعدة. يتصل كريغ بوالده (جو تيبيت) الذي يتصل هاتفيا بسيارة إسعاف، «لقد كانت أفضل الأوقات. لقد كانت أسوأ الأوقات». يشعر الشاب كريغ بالفراغ الذي تركه موت السيد هاريغان، ويبدأ دون أن يعرف ماذا يفعل، في قراءة المقطع الافتتاحي الشهير لتشارلز ديكنز «حكاية مدينتين» وفي مشهد مثير للعاطفة تظهر عناوين الكتب أيضا على الشاشة طوال قراءاتها. عندما يموت السيد هاريغان، يضع كريغ هاتفه الجديد خلسة في النعش معه في جيبه قبل الدفن. ويتصل محامي السيد هاريغان بوالد كريغ ويبلغه بأن السيد هاريغان ذكر الشاب كريغ في وصيته حين ترك له مبلغ 800 ألف دولار تغطي مصاريف دراسته الجامعية وبداية مشروع في حياته العملية. المشاركة في اللعبة بعد تلقي رسالة نصية من هاتف السيد هاريغان يشعر بالقلق من أنه لا يزال على قيد الحياة. يطمئنه والده بأنه ليس كذلك وأن كريغ يجب أن يتحدث إلى شخص ما حول شعوره. ويبدأ الفتى كريغ في الالتحاق في المدرسة الثانوية وبدأ يعاني من تنمر باقي الزملاء من الطلبة، لدرجة أنه تعرض للضرب في المدرسة. يتصل بهاتف السيد هاريغان المدفون معه في النعش لطلب المساعدة، وتحدث المفاجأة بعد فترة وجيزة حين يتم عقاب المعتدي ويعثر على الفتى العنيف (كيني) ميتا. ويبقى كريغ مذهولاّ ومتسائلاّ: «هل للسيد هاريغان علاقة بهذا؟». تمر السنوات ويستخدم كريغ الأموال التي تركها له السيد هاريغان لإكمال دراسته الجامعية ودراسة الصحافة. يستخدم كريغ هاتفا جديدا في الكلية وهو هاتف لا يبدو مرتبطا بالسيد هاريغان. لكن لا يزال هاتفه القديم مخفيا في منزل والده. وحين يعرف كريغ بموت معلمته السابقة في المدرسة الثانوية السيدة هارت (كيربي هاويل بابتيست) مع زوجها في حادث سيارة، بعد أن صُدمت سيارتها من قبل سائق مخمور خرج من الحادث سالما. والأسوأ من ذلك هو أن السائق استخدم أمواله وسلطته للتهرب من السجن، وحصل على حكم مخفف ونقل إلى مركز فاخر للتعافي بدلا من ذلك. ليس من العدل أن تكون السيدة هارت قد توفيت بسبب شخص آخر مستهتر يقود سيارته وهو مخمور، لكن من الشائن أن الرجل المسؤول لن يعاقب كما ينبغي. متأثرا بغضبه يقرر التواصل مع صديقه الميت مرة أخرى، يترك كريغ رسالة إلى السيد هاريغان، قائلاً فيها إنه يريد موت هذا السائق. وبالفعل يموت السائق المخمور في حمّامه منتحراّ داخل محبسه. الانتحار المزعوم للسائق المخمور هو جرس إنذار لكريغ، الذي يدرك أنه مسؤول الآن عن وفاة شخص آخر. يشعر كريغ بالذنب ويقرر قطع العلاقات مع السيد هاريغان مرة واحدة وإلى الأبد. ومهما كانت دوافع السيد هاريغان، سواء توقف الصبي عن الاتصال به أو حماية روحه، فإن كريغ يلقي هاتفه القديم في البحيرة ولن يتم العثور عليه مرة أخرى. وسيبقى السيد هاريغان في قلب كريغ وذكرياته، حيث ساعد الصبي على صياغة هويته الخاصة. لكن من الخطر الاستمرار في استدعاء شخص ما وراء حجاب الموت، ويقرر كريغ أن يعيش بقية حياته دون الاعتماد على ما هو خارق للطبيعة. ينتقل كريغ الى مدينة أخرى بعد أن حصل على منحة دراسية إلى بوسطن ويبدأ في التكيف مع حياة طبيعية وأكثر اجتماعية. الفيلم يتمحور الفيلم إلى حد كبير حول الحزن وكيفية تعاملنا مع ذلك. الجانب الخارق للطبيعة قريب من حقيقة أنه من المحتمل أن نتمكن يوما ما من استخدام التكنولوجيا للتحدث إلى أحبائنا الذين مروا في حياتنا. يحاول الفيلم أن يعلمنا ألا نصاب بالهوس والإدمان على وسائل الاتصال وإلى الهواتف الذكية، بل يجب ان نستمتع بالحياة وبروابطها الاجتماعية والإنسانية. فيلم «هاتف السيد هاريغان» للمخرج جون لي هانكوك قصة أخلاقية لبطلها ومشاهدها، وتساؤلا عن مدى استعدادنا للذهاب لتصحيح أخطاء العالم. اختار السيد هاريغان كريغ لأنه كان يعلم أن الصبي فقد والدته. لذلك، منذ بداية علاقتهما يتحد كريغ والسيد هاريغان بسبب وحدتهما وحزنهما، ومع مرور الوقت يعلًم السيد هاريغان كريغ وصفة نجاحه. من ناحية أخرى يحتوي هذا الفيلم على العديد من الموضوعات التي يرغب في طرحها على الجمهور، لكنه لا يلتزم تماما بالأجزاء الأكثر أهمية. كذلك لم يبذل أي جهد لتطوير الشخصيتين الرئيسيتين، كما أخفق في التبرير الدرامي لسلوك السيد هاريغان الغريب في بعض الأحيان ودوافع كريغ في الاتصال برجل ميت. يمكن تقسيم الفيلم إلى مرحلتين، أولاهما مرحلة الصداقة بين جيلين، ما انعكس من خلال مستوى الإخراج والأداء والتصوير. والمرحلة الثانية تبدأ من وفاة السيد هاريغان، وهنا يفقد المخرج السيطرة على الشخصيات مع أحداث مفتعلة غير مقنعة مثل موت الفتى المشاكس أو انتحار سائق المركبة في حجزه. وفي الأخير.. يحاول الفيلم جعل المشاهد يفكر في كيف يمكن للتكنولوجيا والهواتف المحمولة أن تستهلكنا وتطمس واقعنا؟ وكيف تتطور أكثر كلما أصبحنا عبيدا لها، والآثار المحتملة التي يمكن أن تحدثها بعد موتنا. إن مفهوم هاتف السيد هاريغان الذي يرسل رسائل بعد وفاته ليس أمرا لا يصدق، فعندما يموت الناس الآن، تظل صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم نشيطة، إذا قام شخص ما بتسجيل الدخول. وبالتالي يجب عدم الاعتماد على الأشياء المادية ووسائل الاتصال، ومحاولة الاستمتاع بالحياة الحقيقية قدر الإمكان. المصدر: القدس العربي