يُعد كتاب "الإسلام في قفص الاتهام" للمؤلف شوقي أبو خليل، الصادر عن دار الفكر بدمشق، مرجعًا أساسيًا في مجال الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام. يضع الكاتب في هذا العمل الإسلام في موقع "المتهم"، ليس بصفته مذنبًا، بل كونه محورًا لهجوم فكري متواصل من قبل المستشرقين وخصومه. وفي هذا السياق، يتولى المؤلف مهمة "الدفاع" بأسلوب منهجي وموضوعي، بينما يقوم القارئ بدور "القاضي" الذي يستمع إلى الحجج والبراهين ليصدر حكمه بناءً على العقل والمنطق.
يستعرض الكتاب مجموعة من أبرز القضايا التي طالما استُخدمت لتشويه صورة الإسلام، ومنها: اتهام الإسلام بالانتشار بالقوة، قضايا الجهاد والحرب، قضية تعدد زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتعامل مع أهل الذمة. في كل قضية، يتبع أبو خليل منهجًا علميًا رصينًا يبدأ فيه بعرض الشبهة كما وردت على لسان أصحابها، ثم ينتقل إلى تفنيدها خطوة بخطوة بالاعتماد على التوثيق التاريخي، والتحليل المنطقي، والمقارنة العادلة. فهو لا يكتفي بالرد العاطفي، بل يعود إلى المصادر التاريخية الأصيلة ليوضح سياق الأحداث، ويكشف عن المغالطات في تفسير النصوص، ويُظهر أن الكثير من هذه الاتهامات ما هي إلا إسقاطات لقيم وسلوكيات غربية على واقع مختلف تمامًا.
تكمن قيمة الكتاب في أنه لا يقتصر على كونه دفاعًا عن الإسلام، بل هو أيضًا عمل تثقيفي وتوعوي يعمق فهم القارئ لدينه، ويُكسبه الأدوات اللازمة لمواجهة الشبهات بنفسه. يقدم الكتاب رؤية شاملة لمختلف القضايا، ويمنح القارئ القدرة على التمييز بين المآخذ الحقيقية التي قد تستدعي النقاش والاتهامات الباطلة التي لا تستند إلى دليل. لهذا، يُعد "الإسلام في قفص الاتهام" قراءة ضرورية لكل من يرغب في فهم التحديات الفكرية المعاصرة التي تواجه الإسلام، وامتلاك الردود المبنية على العلم والمنطق.