تميزت الدورة الحالية من «معرض مسقط الدولي للكتاب»؛ وهي الدورة الـ27 التي افتتحت في 22 فبراير (شباط) الماضي وتستمر حتى 4 مارس (آذار) الحالي، بزيادة عدد الدول المشاركة فيها؛ إذ بلغ 33 دولة؛ منها المملكة العربية السعودية، والعراق، ومصر، ولبنان، وسوريا، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والمغرب، والأردن، والسودان، والكويت، والبحرين، والجزائر. أما من الدول الأجنبية؛ فقد شاركت المملكة المتحدة، وإيطاليا، والسويد، وروسيا، وتركيا، والصين... وغيرها. وارتفع معه عدد دور النشر المشاركة؛ إذ تجاوز 826 داراً؛ منها 656 بشكل مباشر، و170 داراَ بشكل غير مباشر؛ خاصة وعامة، طرحت 543633 عنواناً؛ منها 338133 عنواناً عربياً، و195500 كتاباً أجنبياً، احتلت 1194 جناحاً، إضافة إلى مشاركة البلد المضيف التي بلغت 22952، أما الإصدارات الحديثة؛ فقد بلغت 7653 كتاباً.
بينما لم تشارك في دورة 2022 سوى 27 دولة، والمشاركات الرسمية بلغت 41 دولة، في حين كان عدد الدور المشاركة 715 داراً، وعدد الأجنحة المخصصة 981 جناحاً.
أما عدد الفعاليات الثقافية فيبلغ 165 فعالية.
وكما في معظم معارض الكتب العربية، ووفق الوقت المتاح؛ وهو ضيق غالباً، فلا بد من الاختيار بين هذه الفعالية وتلك، وهي مشكلة لا يبدو أن هناك حلاً لها، وقدمت مقترحات عدة لتجاوزها؛ منها تقليص عددها إلى حد معقول لتحقيق الفائدة منها، وإتاحة فرصة أكبر للجمهور لحضورها، إذ يلاحظ الزائر أن عدد الحضور في كثير من المحاضرات متواضع، كما أن أغلبها يقام في فضاء مفتوح وسط ضجيج الزائرين. ويبدو أن إدارات هذه المعارض مضطرة إلى ذلك، لعدم وجود عدد كاف من الصالات المغلقة، نتيجة للعدد الكبير من المحاضرات، إضافة إلى النشاطات الأخرى، مثل تواقيع الإصدارات الجديدة، وعدد من المعارض المصاحبة، رغم تخصيص 4 قاعات للبرامج الثقافية، وقاعة لبرامج الأطفال، والإذاعات الرسمية والخاصة.
ومن المحاضرات التي أتيح حضورها؛ ندوة عن صناعة الكتاب وما يتصل بها من طباعة وتوزيع وتسويق ورقابة ومنع في هذا البلد العربي أو ذاك لأسباب سياسية أو اجتماعية، أدارها محمد رشاد، وشارك فيها محمد أغري أقجا، وبشار صلاح الدين شبارو.
ودعا المشاركون في الندوة إلى «اعتماد مبدأ الإباحة؛ فهو الأصل»... أمام واقع كهذا، بالإضافة إلى ضعف السوق، توقع شبارو أن «تنهار صناعة الكتاب في الوطن العربي، ما لم تتدخل الحكومات بشكل فعلي بدعم الكتاب، وعدم معاملته على أنه سلعة، ومن خلال إنشاء المكتبات العامة في المدن والبلدات وفي المدارس، كما في البلدان المتقدمة، التي بإمكانها أن تستوعب كميات كبيرة من الكتاب المطبوع، وكذلك تساعد على تنمية عادة القراءة عند الجيل الجديد». ومن المقترحات الأخرى التي قدمت في الندوة لإنقاذ صناعة الكتاب، «اندماج دور نشر بعضها مع بعض، كما يحدث أيضاً في البلدان الغربية، للتغلب على الصعوبات المادية، التي تواجه بعض دور النشر، خصوصاً الصغيرة».
وعزا بعض الناشرين ارتفاع أسعار الكتب إلى هذه الصعوبات، و«اضطرارهم» إلى تحميل الكتاب نفقات أو قسماً من نفقات طبع نتاجاتهم، «فضعف السوق لا يسمح بأن يتحملوا تكلفة الطبع والورق والتسويق كاملة».
ماذا عن عملية الشراء في المعارض؟ تسمع الشكوى نفسها؛ فمعدل القراءة قد تراجع بشكل كبير، وما يجري بيعه لا يكاد يغطي تكاليف النقل والمشاركة وحجز المكان، إضافة إلى أن قسماً من معارض الكتب العربية ينظم في فترات زمنية متقاربة، فلا يفصل معرض مسقط عن معرض الدمام ومعرض أربيل سوى أيام قليلة؛ على سبيل المثال، مما يصعّب على قسم من الدور المشاركة في قسم من المعارض.
حضور ثقافة الطفل
تميز معرض مسقط أيضاً بحضور لافت للأطفال وتلاميذ المدارس الصغار، الذين خصصت لهم مساحة واسعة من نشاطات المعرض وندواته الثقافية وورشاته، وصلت إلى نحو 166 فعالية؛ موزعة بين ركن القراءة والكتابة والفنون، وركن العلوم، وركن مسرح الطفل، وركن متحف الطفل، بمشاركة 85 جهة رسمية وخاصة، و51 كاتباً وفناناً.
ومن الفعاليات الثقافية المخصصة: «ورشة الطفل الصغير»، «وإبداع طفلك طريق للإبداع»، وفعالية «تحدث لكي أراك»، و«حكايات من بلادي»، وفقرة حول «حقوق الطفل»، وعرض «مبادرات قرائية من تجارب المدارس»، و«أقصوصة وفن»، و«مواهب موسيقية، و«الدراما للأطفال» و«قراءة قصة مع الأطفال»... وغير ذلك من الفعاليات التي تهدف إلى تنمية وعي الطفل، وتقربيه من عالم القراءة والإبداع.
وضمن هذا التوجه، تضمن البرنامج الثقافي فعاليتين تهدفان إلى الارتقاء بخيال الطفل وتنميته؛ الأولى بعنوان: «أقصوصة وفن». أما الفعالية الثانية؛ فهي تناقش كتاب «أمي كولجهان... حكايات الظل والحرور» للكاتبة غنية الشبيبي.
برنامج ثقافي غني
أعدت اللجنة الثقافية بالمعرض برنامجاً ثقافياً وفعاليات على امتداد أيام المعرض؛ من بينها جلسة حوارية حول «المشترك الثقافي بين العرب وإسبانيا» بمشاركة المستشرق الإسباني إغناتيوس غوتيريت، وريم خليفة، وجلسة بعنوان «ذاكرة الصحراء» مع الروائي إبراهيم الكوني، ومحاضرة عن الأندلسيات و«تاريخ الخيمياء في الشعر العربي... من خالد بن زيد إلى صالح الدين الكوراني» بمشاركة الهواري الغزالي، وجلسة أدبية حول «التجربة الروائية لسنان أنطون»، ومحاضرة عن «تحولات الثقافة في الزمن الراهن» مع عيسى مخلوف، وأخرى بعنوان «اللهجات واللغات» للدكتورة إنعام الور، ومحاضرة عن «الرواية العربية والتاريخ»، وجلسة بعنوان «ذخيرة الذات... نصوص السيرة الذاتية في الأدب العربي»، وندوة عن «اللغة الشعرية في الرواية العربية».
وبالتعاون مع اللجنة الثقافية، كان لجامعة السلطان قابوس، ممثلة في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، حضورها عبر مجموعة من الفعاليات؛ منها: ندوة حول «الهوية والاندماج الثقافي: تجربة تنظيم كأس العالم في قطر نموذجاً»، وفعالية «ساعة مع مقطوعات من الموسيقى والأغاني العُمانية الأصيلة»، وحلقة عمل حول «تهيئة الكتب الورقية إلى قارئ الشاشة للأشخاص ذوي الإعاقة».