تخطي إلى المحتوى
إبراهيم الهجري:إمكانيات الذكاء الاصطناعي هائلة ولكن المخاوف منه مبرّرة إبراهيم الهجري:إمكانيات الذكاء الاصطناعي هائلة ولكن المخاوف منه مبرّرة > إبراهيم الهجري:إمكانيات الذكاء الاصطناعي هائلة ولكن المخاوف منه مبرّرة

إبراهيم الهجري:إمكانيات الذكاء الاصطناعي هائلة ولكن المخاوف منه مبرّرة

إبراهيم الهجري، أستاذ فيزياء الليزر والأطياف، باحث يمني يتواجد حاليًا في ألمانيا لدراسات ما بعد الدكتوراه، ينشط في تبسيط العلوم وإيصالها إلى غير المتخصصين عبر منصات التواصل الاجتماعي. وإضافة إلى اهتمامه بالبحث العلمي في تخصصه، يهتم بتحليل الخطاب السياسي والثقافي وله عدة بحوث منشورة حول قضايا تطوير التعليم والإبتكار والمعرفة وقضايا التنمية المستدامة ومواضيع مستقبلية كالذكاء الاصطناعي. 

هنا حوار معه:

(*) لنبدأ من الذكاء الاصطناعي والمخاوف التي رافقت إدخال هذه التقنية في منظومة العمل الإنتاجي والإبداعي. وهنا نسأل: هل على العالم أن يتخوف من هذه التقانة التي تخطت مجرد أن تكون عمل آلة؟ 
يُعد الذكاء الإصطناعي Artificial Intelligence، ويختصر عادةً بـ(AI) مجالًا ملحًا ومشتعلًا في هذه السنين الأخيرة وسيبقى كذلك لعدة سنين لاحقة، وهو من مجالات علوم الكمبيوتر الذي يهدف إلى إنشاء آلات ذكية قادرة على أداء مهام تتطلب ذكاءً بشريًا، مثل التعلم، والتفكير، وحلّ المشكلات. وهو يمثل قفزة نوعية في تطور التكنولوجيا، ويوفر لنا جملة من المنافع الهامة ويخلق عدة وظائف جديدة والتي تختصر لنا الجهد والوقت والمال ويحسن من حياتنا ويحل جملة من المشكلات، لكنه يأتي أيضًا مصحوبًا بمجموعة من المخاوف، حيث يمكن أن تكون المخاوف مبررة إذا لم يتم توجيه الذكاء الاصطناعي بشكل سليم، وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي، إلا أنه يأتي مع مجموعة من المخاطر والتحديات التي يجب معالجتها، وفيما يلي بعض المخاطر الرئيسية للذكاء الإصطناعي:
1.   فقدان الوظائف: الأتمتة والروبوتات قد تؤدي إلى فقدان الوظائف في بعض القطاعات، حيث تحل الأنظمة الذكية محل العمال البشريين في المهام الروتينية والمتكررة.
2.   الخصوصية والأمن: جمع ومعالجة كميات كبيرة من البيانات الشخصية قد يؤدي إلى انتهاكات للخصوصية، كما أن الذكاء الإصطناعي يمكن أن يُستغل في تنفيذ هجمات إلكترونية معقدة.
3.   التحيز والتمييز: يمكن لأنظمة الذكاء الإصطناعي أن تتعلم وتتبع التحيزات الموجودة في البيانات التي تدربت عليها، مما يؤدي إلى قرارات غير عادلة وتمييز ضد مجموعات معينة من الناس.
4.   التحكم والأمان: الأنظمة الذكية قد تصبح غير متوقعة أو تتصرف بطرق غير مرغوبة إذا لم تكن مبرمجة أو مراقبة بشكل صحيح، وهنالك مخاوف من فقدان السيطرة على الأنظمة المعقدة.
5.   الاعتماد المفرط: الاعتماد الزائد على الأنظمة الذكية قد يؤدي إلى تقليل القدرات البشرية في اتخاذ القرارات وتطوير المهارات الأساسية، مما يمكن أن يكون خطيرًا في حالة تعطل هذه الأنظمة.
6.   المساءلة والأخلاق: تحديد المسؤولية في حال ارتكاب الذكاء الإصطناعي لأخطاء أو اتخاذه لقرارات تؤدي إلى أضرار يمكن أن يكون تحديًا، كذلك، هنالك قضايا أخلاقية تتعلق باستخدام الذكاء الإصطناعي في الحروب أو التطبيقات العسكرية.
7.   التأثير على المجتمع: قد يؤدي التقدم السريع في الذكاء الإصطناعي إلى تغييرات اجتماعية واقتصادية كبيرة يمكن أن تزيد من التفاوت الإجتماعي والإقتصادي بين الأفراد والمجتمعات.
8.   الاستقلالية والتحكم الذاتي: تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تتمتع باستقلالية عالية قد يؤدي إلى فقدان السيطرة البشرية على هذه الأنظمة، ما يشكل خطرًا كبيرًا في حالة اتخاذها قرارات غير متوقعة أو ضارة.
9.   التهديدات الأمنية: استخدام الذكاء الإصطناعي في تطبيقات عسكرية أو في أسلحة مستقلة يمكن أن يؤدي إلى تهديدات أمنية جديدة وصراعات مسلحة تعتمد على تقنيات متقدمة.
10. التلوث الرقمي: إنشاء وتداول كميات هائلة من المعلومات والبيانات الرقمية يمكن أن يؤدي إلى زيادة التلوث الرقمي والتحديات في إدارة البيانات الضخمة.

 

"تستخدم الروبوتات الجراحية مثل نظام دا فينشي (Da Vinci) في إجراء العمليات الجراحية المعقدة بدقة عالية وتقليل معدلات الخطأ"

 

11. التلاعب والتزييف: يمكن استخدام الذكاء الإصطناعي لإنشاء محتوى مزيف (مثل الصور والفيديوهات المزيفة)، مما قد يؤدي إلى انتشار المعلومات الخاطئة والتلاعب بالرأي العام.
12. عدم الشفافية: بعض خوارزميات الذكاء الإصطناعي تكون معقدة وغير شفافة، مما يجعل من الصعب فهم كيفية اتخاذ القرارات والتحقق من صحتها.
هذه المخاطر تبرز أهمية تبنّي نهج حذر ومتوازن في تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي، مع وضع الضوابط والتشريعات المناسبة لحماية الأفراد والمجتمعات.

(*) وعلى مستوى العلوم وتقانة المستقبل، إلى أي درجة يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم جنبًا إلى جنب مع البشر، في تحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه، والوصول إلى سقف نتائج وطموحات أعلى؟ 
الذكاء الاصطناعي يحمل إمكانيات هائلة لتحسين الأداء البشري وتحقيق طموحات لم تكن ممكنة من قبل، فيمكن للذكاء الاصطناعي:
•    تسريع الاكتشافات العلمية: من خلال تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقة تساعد في اختصار جهود ووقت الباحثين ويمكّنهم من التحليل والتنبؤ وعمل محاكاة واختبار الفرضيات.
•    تحسين الرعاية الصحية: بتقديم تشخيصات أكثر دقة وفي اكتشاف الأدوية الجديدة والتنبؤ ببعض الأمراض من خلال تحليل كل الفحوصات والبيانات.
•    العمليات الجراحية بمساعدة الروبوتات: حيث تستخدم الروبوتات الجراحية مثل نظام دا فينشي (Da Vinci) في إجراء العمليات الجراحية المعقدة بدقة عالية وتقليل معدلات الخطأ، وتشير الدراسات إلى أن العمليات الجراحية بمساعدة الروبوتات تقلل من فترة التعافي وتقلل من معدلات المضاعفات بنسبة تصل إلى 50%.
•    حل المشكلات البيئية: من خلال تطوير تقنيات جديدة لتقليل انبعاثات الكربون وغازات الدفيئة وتحسين كفاءة الطاقة وتقديم حلول إبداعية للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة والزراعة الذكية وتصميم مباني صديقة للبيئة.
•    الصناعات التحويلية: من خلال تحسين العمليات الإنتاجية وتقليل التكلفة وزيادة الكفاءة.
•    النقل: حيث تُستخدم في تطوير السيارات الذاتية القيادة وتحسين أنظمة النقل الذكية.
•    الأمن: حيث تُستخدم في تحليل البيانات الأمنية واكتشاف التهديدات بسرعة فائقة.
•    أنظمة الكشف عن الاحتيال الذكية: تعتمد البنوك والمؤسسات المالية على الذكاء الاصطناعي لتحليل المعاملات واكتشاف الأنشطة الاحتيالية، وتستخدم خوارزميات التعلم الآلي لتحليل الأنماط واكتشاف الأنشطة غير العادية في الوقت الحقيقي، حيث يمكن أن يقلل من الخسائر بنسبة تصل إلى 75%.
•    أنظمة التعليم التكيفية: تستخدم أنظمة التعليم التكيفية الذكاء الاصطناعي لتخصيص عملية التعلم بناءً على احتياجات الطلاب ومستوياتهم، حيث تعتمد هذه الأنظمة على تحليل بيانات الطلاب لتحديد نقاط القوة والضعف وتقديم مواد تعليمية مخصصة لكل طالب.

(*) وبرأيك، ما الذي تخبئه فترة العشر سنوات القادمة للبشرية، في ظل الاعتماد على تقانة الذكاء الاصطناعي؟ 
يُعد استشراف السيناريوهات المستقبلية أمرًا بالغ الأهمية لفهم تأثيرات الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا على حياتنا، سواء من حيث الفرص الإيجابية التي تتيحها أو التحديات السلبية التي قد تفرضها. سوف أذكر هنا الإيجابيات ولن أتطرق للسلبيات، فبلا شك سوف تؤدي تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى تحسين جودة الحياة، كالتالي: التقدم في تحسين الرعاية الصحية؛ تحسين في جودة وسلامة النقل؛ ارتفاع في جودة وفعالية التعليم؛ تعزيز الكفاءة والإنتاجية من خلال الأتمتة الصناعية؛ زيادة في الإبتكار والإبداع من خلال تطوير منتجات جديدة تلبي احتياجات السوق المتغيرة وتزيد من الإبتكار؛ جودة وفعالية البحث والتطوير مما يسهم في تحقيق اكتشافات علمية وتقنية جديدة وفي عدة مجالات. 

الجامعات اليمنية والبحث العلمي

(*) بوصفك مختصًا في فيزياء الليزر والأطياف (دكتوراة في فيزياء الليزر التجريبي وباحث ما بعد الدكتوراه بجامعة ماربورج ألمانيا) وعضوًا في Global Young Academy وأكاديمية العلوم العالمية، ولك تجربة في التدريس بجامعة حجة وعدة جامعات أهلية يمنية؛ ما الذي ينقص الجامعات اليمنية في المجالات العلمية تحديدًا، وهذا يقودنا إلى سؤال أكبر عن البحث العلمي في اليمن: كيف هي أحواله في الظروف الراهنة؟ 
الجامعات اليمنية تواجه مجموعة من التحديات التي تؤثر بشكل كبير على تطورها في المجالات العلمية. أولًا، تعاني هذه الجامعات من نقص في البنية التحتية والمرافق، حيث تفتقر المختبرات إلى التجهيزات الجيدة التي تمكّن الطلاب والباحثين من إجراء تجارب علمية متقدمة، بالإضافة إلى ذلك، هنالك نقص في المعدات التكنولوجية الحديثة اللازمة للتعليم والبحث، مما يعيق تقدم العملية التعليمية.

من ناحية التمويل، هنالك قلة في الميزانيات الحكومية المخصصة للبحث العلمي والتعليم العالي، مما يجعل الجامعات تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي، ولكن هذا التمويل الخارجي لا يكون كافيًا ولا مستدامًا على المدى الطويل، مما يشكل تحديًا إضافيًا.
الكادر الأكاديمي أيضًا يواجه نقصًا في الأساتذة والباحثين المؤهلين في مختلف التخصصات العلمية، إضافة إلى ذلك، قلة برامج التدريب والتطوير المهني للأكاديميين الحاليين تعيق تقدمهم وتطوير مهاراتهم، والأخطر من ذلك فإن هنالك جامعات لا يستلم كادرها مرتباته بشكل دائم إضافة لفقدان المرتب لقوته الشرائية فقد كان مثلًا قبل عشر سنوات يساوي 1000 دولار أما اليوم فهو لا يتجاوز 140 دولارًا.
البحث العلمي في الجامعات اليمنية يعاني من ضعف الثقافة البحثية، حيث لا يتم التركيز بشكل كافٍ على البحث العلمي كجزء أساسي من عمل الجامعات، كما أن نقص المراجع العلمية الحديثة والدوريات الأكاديمية يزيد من صعوبة القيام بأبحاث متقدمة.
التعاون الدولي هو الآخر يشكل تحديًا، حيث أن هنالك قلة في الشراكات الدولية وضعفًا في التعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية العالمية، هذا يقلل من فرص التبادل الأكاديمي والعلمي للطلاب والباحثين.
المناهج الدراسية في الجامعات تحتاج إلى تحديث لتتماشى مع التطورات العلمية الحديثة، يجب تعزيز الجانب التطبيقي والتجريبي في المناهج الدراسية لإعداد الطلاب بشكل أفضل لسوق العمل.
إدارة الجامعات تتطلب تحسينًا في الكفاءات الإدارية لتكون قادرة على تنفيذ استراتيجيات فعّالة لتطوير التعليم والبحث العلمي، كما أن تعزيز استقلالية الجامعات في اتخاذ القرارات الأكاديمية والإدارية يعد ضروريًا لتحقيق تقدم ملموس.
أخيرًا، البيئة الداعمة للجامعات تتطلب تعزيز الدعم من الحكومة والمجتمع للمشاريع العلمية والبحثية، بالإضافة إلى ذلك، الاستقرار السياسي والأمني يشجع على البحث والدراسة، مما يسهم في تحقيق أهداف التعليم العالي والبحث العلمي في اليمن.

(*) لك اهتمامات بحثية في عدة مجالات نذكر منها قضايا تطوير التعليم والإبتكار والمعرفة وقضايا التنمية المستدامة... فكيف تقرأ اهتمام الحكومات العربية بمجالات كهذه؟ 
اهتمام الحكومات العربية بمجالات تطوير التعليم، الابتكار، والتنمية المستدامة يختلف من دولة إلى أخرى، ويمكن القول إن الاهتمام بتطوير التعليم، الابتكار، والتنمية المستدامة بدأ يزداد في العالم العربي في السنوات الأخيرة، مع وجود نماذج ناجحة مثل الإمارات والسعودية وقطر، ومحاولات من بعض البلدان الأخرى. إلا أن التحديات المستمرة مثل البيروقراطية، التمويل، وعدم الاستقرار السياسي أحيانًا تتطلب جهودًا مستمرة للتغلب عليها وتحقيق الأهداف الطموحة في هذه المجالات.

(*) صدر لك كتاب تخصصي في فيزياء الليزر باللغة الإنكليزية عام 2010، ولديك كتاب غير تخصصي حاليًا تحت الطبع، كما أخبرتني. حدثنا عنهما وغيرهما من مشاريع الكتب والبحوث؟
صدر لي العديد من البحوث في مجال تخصصي وأغلبها منشور في مجلات علمية محكمة رصينة، كما صدرت لي عدة بحوث غير تخصصية ولا يزال بجعبتي العديد من الأبحاث غير المنشورة.
في 2010 صدر لي كتاب تخصصي مبني على رسالتي للماجستير حول دراسة نظرية لتخفيف شدة التوزيع الجاووسي لليزر بواسطة نموذج التجويف الجاووسي المجوف والذي يكوّن شعاعًا على شكل حلقة من الليزر وتستخدم كملاقط بصرية للذرات والحمض النووي DNA  لدراستها، ذلك الكتاب تم نشره عبر دار لامبرت الألمانية وموجود حاليًا على أغلب المنصات الإلكترونية كأمازون وغوغل بوك وغيرهما.
أما عن كتابي الذي تحت الطبع فهو يتناول موضوع الذكاء الإصطناعي من عدة جوانب، وأتوقع أنه سيحظى باهتمام خاصة لدى الطلبة والجامعات وغيرها.
 

"إدارة الجامعات في اليمن تتطلب تحسينًا في الكفاءات الإدارية لتكون قادرة على تنفيذ استراتيجيات فعّالة لتطوير التعليم والبحث العلمي"

 

لدي عدة كتب كمسودات لم تخرج إلى النور بعد، تتناول عدة قضايا كالتعليم والابتكار والمعرفة وبعضها مناهج تخصصية في بعض مقررات وفروع الفيزياء، ونتيجة لعدم استقرار بلادنا وبالتالي عدم استقرارنا والبحث المتواصل عن فرص لنعيش منها فإن كل تلك المشاريع مؤجلة وحبيسة ملفات الوورد، ولو حصلت على استقرار وظيفي مستدام لكانت كلها قد صدرت في وقت مبكر، لدي شغف وقدرة على التأليف والبحث، وأنسى الوقت حين أنغمس فيها، لكن تظل مشكلتنا عدم الاستقرار للأسف الشديد.

"سوشيال ميديا" اليمن

(*) لنتحدث عن المشهد اليمني. من خلال تجربتك كناشط على مواقع التواصل الاجتماعي وكمهتم بتبسيط العلوم وإيصالها لغير المتخصصين؛ ما الذي يشغل اهتمامات اليمنيين في السوشيال ميديا، وكيف باتت المنصات بديلًا عن الواقع وما هي متطلبات الارتقاء بمحتواها (نتحدث هنا عن المحتوى اليمني)؟ 
اليمنيون يستخدمون السوشيال ميديا لأغراض متعددة، ويمكن تحديد بعض الاهتمامات الرئيسية التي تشغلهم على هذه المنصات: بعضهم لمتابعة الأخبار المحلية والدولية، والأخبار العاجلة المتعلقة بالنزاع القائم والأوضاع الإنسانية، ومناقشة القضايا الاجتماعية مثل الفقر، البطالة، والتعليم وحتى السياسة وأحيانًا حملات إلكترونية إما للسلام والتغيير وأحيانًا طرف ضد طرف، وهنالك أيضًا من يستخدمها للتواصل مع الأهل خاصة في ظل الشتات داخل وخارج اليمن المفروض على اليمنيين بسبب الصراع القائم طوال العقد المنصرم، ونسبة قليلة تستخدمها للوصول إلى محتويات تعليمية ودورات تدريبية وتوعوية لصعوبة الظروف الاقتصادية والاجتماعية. ولكن النسبة الأغلب للأسف لا تستخدمها إلا لمتابعة الفيديوهات الترفيهية والمقاطع الفكاهية والمسلسلات والألعاب الإلكترونية.
ولكي نرتقي بمحتواها يجب تحسين الجودة والمصداقية من خلال تعزيز جودة المحتوى وضمان مصداقيته من خلال التحقق من المصادر وتجنب الشائعات، وتقديم محتوى تعليمي وتثقيفي يلبّي احتياجات المستخدمين، أيضًا تشجيع إنتاج محتوى متنوع يشمل مجالات مختلفة مثل الثقافة، العلوم، الفنون، والصحة، والاهتمام بالقضايا المحلية وتقديم حلول واقعية لمشاكل المجتمع. وتحسين البنية التحتية للإنترنت وتقليل أسعارها وتوفير تدريب ودعم للمستخدمين ودعم المبدعين والمبتكرين في إنتاج محتوى يعكس الثقافة والهوية اليمنية وتوفير منصات تمويل جماعي لدعم المشاريع الإعلامية وتشجيع النقاشات البناءة والمشاركة الفعالة وتنظيم حملات ومبادرات مجتمعية لتعزيز التعاون والعمل الجماعي، وهنالك مبادرات نتابعها من قبل بعض المشاهير والتي تؤدي لدعم الفقراء والمرضى والمحتاجين وأتمنى جعلها مؤسسية أكثر ودائمة. وفي الأخير يجب عمل توعية حول الأمن الرقمي والخصوصية وتوفير الدعم والأدوات حتى نتجنب الابتزازات والمشاكل الناشئة عنها.

(*) بالحديث عن الحرب الجارية في اليمن (منذ أكثر من عقد من الزمن) وانعكاساتها على منظومة الحياة الاقتصادية والسياسية والتعليمية والثقافية.... إلخ، نسأل هنا: كيف يمكن مقاربة المشهد العام الراهن في اليمن، وما هي الحلول الممكنة لتجاوز هذه اللحظة العصيبة وباهظة الكلفة، برأيك؟
لتجاوز الأزمة الراهنة في اليمن، يتطلب الأمر مقاربة شاملة تشمل الجوانب السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والإنسانية، ولديّ مسبقًا عدة تصورات لذلك لا يتسع المقام هنا لذكرها ولكني سأحاول ذكر ما يمكن. هنا بعض الحلول الممكنة لتحقيق الهدف:
الحوار السياسي والتسوية السلمية: من خلال تعزيز الحوار بين جميع الأطراف المتنازعة للوصول إلى تسوية سلمية، وتفعيل دور المجتمع الدولي والمنظمات الدولية في دعم عملية السلام، وتنفيذ إجراءات لبناء الثقة بين الأطراف المختلفة مثل تبادل الأسرى وفتح الممرات الإنسانية.
إعادة بناء البنية التحتية: عبر إطلاق برامج واسعة لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة مثل الطرق، المدارس، المستشفيات، والمرافق الأساسية، والسعي للحصول على دعم مالي دولي لإعادة الإعمار من خلال القروض والمساعدات مع ضمان شفافية استخدام الأموال المخصصة لإعادة الإعمار وتجنب الفساد.
تحسين الوضع الاقتصادي: من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية لتعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة.
تطوير النظام التعليمي: عبر تحديث المناهج التعليمية وتطوير النظام التعليمي ليكون أكثر تلبية لاحتياجات السوق، والاستفادة من التكنولوجيا لتقديم التعليم عن بعد في المناطق التي يصعب الوصول إليها، وتوفير برامج تدريبية مهنية للشباب لتمكينهم من اكتساب مهارات جديدة تساعدهم في الحصول على وظائف.
تحسين الرعاية الصحية: إعادة بناء المرافق الصحية وتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، والعمل مع المنظمات الصحية الدولية لتوفير الدعم الفني والمادي، ونشر التوعية الصحية حول الأمراض وكيفية الوقاية منها، خاصة في المناطق الريفية.
تعزيز الأمن والاستقرار: بواسطة  تدريب قوات الأمن والشرطة لتعزيز القانون والنظام. والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة. وتعزيز سيادة القانون وضمان تطبيق العدالة للجميع.
دعم المجتمع المدني: دعم المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية التي تعمل في مجال الإغاثة والتنمية، وتشجيع المبادرات المجتمعية المحلية التي تساهم في تحسين الأوضاع المعيشية، وتوفير الفرص للمرأة والشباب للمشاركة في عملية التنمية وبناء المستقبل.
تجاوز الأزمة في اليمن يتطلب جهدًا مشتركًا من الحكومة، المجتمع الدولي، المنظمات غير الحكومية، والمجتمع اليمني نفسه، ومن خلال التركيز على الحوار السياسي، إعادة الإعمار، تحسين الوضع الاقتصادي، تطوير التعليم والرعاية الصحية، وتعزيز الأمن والاستقرار، يمكن تحقيق تقدم ملموس نحو استقرار اليمن وازدهاره.

المصدر: 
ضفة ثالثة