ترجل الفارس عن صهوة جواده...فقدت الساحة الثقافية والإسلامية أحد أهم فرسانها، وقامة من قاماتها برحيل المفكر المعروف ورائد النشر في العالم الإسلامي الناشر محمد عدنان سالم مؤسس ومدير دار الفكر بدمشق منذ أكثر من 64 عاما، ومؤسس ورئيس اتحاد الناشرين السوريين الأسبق. يعتبر المفكر محمد عدنان سالم ( 1932 ــ 20/05/2022) واحدا من أهم المثقفين العرب والأكثر شهرة في عالم النشر والكتب والتأليف.
استطاع الراحل أن يمنح حركة النشر في العالم العربي والإسلامي معناها الحضاري والثقافي، من خلال رؤيته وخبرته الكبيرة التي اكتسبها على مدى أكثر من ستين عاما، مكنته من التمييز بين الغث والسمين فيما ينشره، وبما ينفع أمته، فاستحق عن جدارة لقب (رائد النشر في العالم الإسلامي).
مثقف سبق عقلُه عملَه
محمد عدنان سالم، هو مدير (دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع) السورية التي أسسها عام 1957، رجل سبق عقلُه عملَه، ناشر تنويري، يقف ضد التطرف بكل أشكاله، و ناشر ديمقراطي، يؤمن بالنقد والاختلاف والاعتراف بالآخر، ينشر لكل الكتّاب على اختلاف مذاهبهم وعقائدهم، وهو أيضا ناشر عصري، يؤمن بضرورة الأخذ بالأساليب الحديثة في النشر، ويدعو إلى النشر الإلكتروني وعبر شبكات الإنترنت. وهو فوق ذلك كله، ناشر تفوق محليا وعربيا ثم اتجه دوليا، إلى ترجمة كتبه من العربية إلى العديد من اللغات الأجنبية، كما عرّب كتباً أجنبية. عدنان سالم تاريخ طويل في عالم الكتاب، فمن صاحب مكتبة إلى صاحب مشروع (اقرأ)، ومن ناشر إلى صاحب رسالة، ومن صاحب فكر إلى صاحب دعوة وداعية، وصاحب مؤلَّفات و مواسم ثقافية، يقيم المحاضرات والندوات والحوارات، ويكرم العلماء. وفي خضم ما تنتجه الدار من كتب، وقد أصبحت معلما مشهورا في دمشق والعالم العربي، يستقطب المثقفين ورجال العلم، وهواة القراءة، لم يكن محمد عدنان ليفكر بحمل القلم والكتابة، مع مقدرته الفكرية على ذلك، لكن بعض الأحداث والظروف دفعته إلى الكتابة، فبدأ بكتابه الأول (القراءة أولا)، ثم توالت كتبه بعد ذلك، ونذكر منها مايلي: القراءة أولًا ـ هموم ناشر عربي ــ الكتاب العربي وتحديات الثقافة ـ تسريع القراءة وتنمية الاستيعاب (بالاشتراك) ـ الكتاب في الألفية الثالثة لا ورق!! ولا حدود!! ـ على خط التماس مع الغرب ــ القرصنة في عصر اقتصاد المعرفة ــ وللحج مقاصد.. لو نجتهد لتلبيتها ــ القدس ملامح جيل يتشكل ــآ حرية النشر وإشكالية الرقابة على الفكرــ القدس 2048 (رواية مفتوحة) ــ آفاق التغيير والعصر الرقمي. ــ نحن والقرآن. فن النشر وصناعة الكتاب (مرجع أساسي للكتّاب والمحررين والمحققين والناشرين).
وقد حاز محمد عدنان سالم أيضا العديد من الجوائز، وهو الذي تقلد عدة وظائف: المدير العام لدار الفكر منذ تأسيسها عام 1957 ومنها رئيس اتحاد الناشرين السوريين 2011-1991ونائب رئيس اتحاد الناشرين العرب 2006-1995 ورئيس اللجنة العربية لحماية الملكية الفكرية 2006-1995 ورئيس الجمعية السورية للملكية الفكرية 2008-2010 ورئيس الملتقى العربي لناشري كتب الأطفال 2008-2011 وعضوًا مراسلًا لمجمع اللغة العربية 2016.
قالوا عن محمد عدنان سالم
يقول عنه محمد رشاد، رئيس اتحاد الناشرين العرب :(استطاع الأستاذ عدنان سالم الناشر للكتاب؛ أن يمنح حركة النشر في العالم الإسلامي خاصة، معناها الحضاري والثقافي، وإذ كنت من متابعي جهوده فإنني أرى فيه أكثر من ناشر في المفهوم التجاري، فقد أنشأ مع إصداراته صلة بالقارئ، تحثه على القراءة وتعرفه بقيمتها في مسار رسالة ثابتة، إنها رسالة تبليغ الثقافة الإسلامية لقارئ أوعى من مؤلف، ومفكر أوسع من مقتبس وناقل) ، ويقول عمر مسقاوي، الوصي على تراث مالك بن نبي، لقد رأيت في الأستاذ عدنان واحداً ممن سبق عقلُه عملَه، وغلب طموحُه إمكانه، واتّسع فكره، واستنار عقله، وتشعّبت ثقافته. فصاحب المكتبة أصبح صاحب مشروع (اقرأ).. والناشر أصبح صاحب رسالة ترصد السرقات الفكرية.. وصاحب الفكر أصبح صاحب دعوة وداعية، وصاحب مؤلَّفات تمتع وتثقّف.. وصاحب الدعوة أصبح صاحب موسم ثقافي، يشجع على القراءة ويكافئ عليها، ويشجع الإبداع الأدبي ويخصّه بالجوائز، ويقيم المحاضرات والندوات والحوارات، ويكرم العلماء.