تخطي إلى المحتوى
مستقبل الطاقة البديلة في القرن 21 دور... المصالح السياسة والاقتصادية في التحوّل إلى الطاقة البديلة مستقبل الطاقة البديلة في القرن 21 دور... المصالح السياسة والاقتصادية في التحوّل إلى الطاقة البديلة > مستقبل الطاقة البديلة في القرن 21 دور... المصالح السياسة والاقتصادية في التحوّل إلى الطاقة البديلة

مستقبل الطاقة البديلة في القرن 21 دور... المصالح السياسة والاقتصادية في التحوّل إلى الطاقة البديلة

إنه مستقبل الطاقة البديلة، أو هذا ما نعتقده على أقل تقدير..هل إطلاق مصطلح “الطاقة البديلة” على طاقة الشمس والرياح والمحيطات وغيرها من مصادر الطاقة، التي يتم الترويج لها على أنها “بديلة” للوقود الأحفوري مثل، النفط والغاز والفحم، يعكس حقيقتها؟

وهل هناك مبالغة بالنتائج، التي ستحققها هذه الطاقة؟ أم أن هذه الطاقة النظيفة رهينة مخاوف عالمية من التغيّر ولعبة بيد مصالح سياسية واقتصادية دولية؟.. يبدو أنه من المبكر جداً إطلاق كل هذه الأحكام والتوقعات.

الطاقة البديلة والوقود الأحفوري

من المعروف أن الطاقة البديلة هي الطاقة التي يتم الحصول عليها من الوسائل التي لا تُنتج ثاني أكسيد الكربون عند توليدها، فهي طاقة نظيفة ومتجددة لا تنضب ومنخفضة التكلفة ومتنوعة المصادر وتتميز بقابليتها للتطبيق في مختلف بقاع الكرة الأرضية مثل، طاقة الشمس وطاقة الرياح والطاقة الكهرمائية وطاقة المد والجذر، وغيرها.

على الطرف المقابل يوجد الوقود الأحفوري، الذي يمثل موارد غير متجددة تشكلت عبر ملايين السنين، حيث أدت حرارة الأرض والضغط وحركة الطبقات الكرة الأرضية إلى تحلل النباتات والحيوانات وتحويلها إلى بترول ونفط وفحم وغاز طبيعي.ويتم توليد حوالي 80% من الطاقة الكهربائية من الوقود الأحفوري، بينما تُستمدّ 20% المتبقية من الطاقة البديلة

لماذا نلجأ إلى الطاقة البديلة؟

يتزايد استهلاك الطاقة العالمي عاماً بعد عام، بالتالي فإن استخدام الوقود الأحفوري يزداد أيضاً. ولأنه من المعروف أن الوقود الأحفوري طاقة غير متجددة ولا تلبي الطلب المتنامي.وتُقدر بعض الدراسات أن إجمالي موارد النفط المتبقية قد تستمر حوالي 190 عاماً، بينما موارد الغاز الطبيعي ستستمر إلى حوالي 230 عاماً.ويدفعنا اللجوء إلى الطاقة البديلة، بل أيضاً ارتفاع الأصوات، التي تنادي بالحفاظ على البيئة والخوف من التغيرات المناخية الناتجة عن انبعاثات الوقود الأحفوري، التي تلوث وتؤذي كوكب الأرض. خاصةً في ظل عدم قدرتنا على الاعتماد على المحطات النووية، التي تعد مصادر آمنة للبيئة، وذلك بسبب القيود الصارمة حولها والخوف من استخدامها، إضافةً إلى مشكلة تخزين نفاياتها، فمن المرجح أن يسلك العالم “الطريق الأخضر” بدلاً من “الطريق النووي”.

لماذا لا تحظى الطاقة البديلة بشعبية كبيرة؟

نستنتج مما سبق أن الطاقات البديلة لا بُدّ أن تكون “بديلة” فعلاً للوقود الأحفوري. لكن لماذا لم يتم الاعتماد عليها بشكل كامل في توليد الطاقة الكهربائية حتى الآن؟ ولماذا يتم معاملتها كطاقة “متممة” لا أكثر.

يبدو أن هناك العديد من الأسباب التي يروج لها منتقدو الاعتماد الكامل على هذه الطاقة، ومن أهمها:

أولاً: مصادر الطاقة البديلة كالشمس والرياح هي مصادر متقطعة غير موثوقة ولا يمكن الاعتماد عليها كلياً لأنه لا يمكن توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلا في حالة شروق الشمس أو عندما تهبّ الرياح. أما عن تخزين هذه الطاقة واستخدامها لاحقاً فهو أمر مكلف جداً.

ثانياً: الطاقة البديلة ليست نظيفة تماماً. فما مصير الألواح الشمسية بعد انقضاء عمرها الافتراضي، الذي يتراوح بين 25 – 30 سنة، هل حقاً ستخضع إلى إعادة تدويرها، والذي يكلف من 12- 25 دولاراً أميركياً للوح الواحد، أم ستنتهي بمكبات النفايات، التي بدورها ستلوث البيئة بنواتج حرق هذه الألواح أو تسرب موادها الكيمائية إلى التربة في حالة ردمها. علماً أن الأرقام المتوقعة لهذه النفايات بحلول عام 2050 مرعبة بكل ما للكلمة من معنى. إذ قد يصل لحوالي 75 مليون طن!!!!!

وستتحول مساحات كبيرة، بالتزامن مع تصاعد التحول إلى الطاقة الشمسية، إلى مزارع لألواح الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء بدلاً من المزارع الطبيعية، التي ستقوم بعملية التركيب الضوئي.

ولا يمكن أن نغفل ارتفاع درجات الحرارة في مساحات الألواح الشمسية مقارنة بالمساحات الطبيعية الأخرى، والتي قد تصل لحوالي 4 درجات مئوية. كما ستسبب توربينات الرياح ضوضاء كبيرة قد تتأثر بها لمناطق المجاورة.

ثالثاً: التكاليف الباهظة، التي يتطلبها توليد الطاقة البديلة من توربينات الرياح والألواح الشمسية وبطاريات التخزين.

وفي هذا الصدد، يقول ريتشارد ميشيلدر Richard Michelfelder، رئيس سابق ومدير تنفيذي لشركة استشارية لإدارة المرافق العامة في الولايات المتحدة الأميركية ومؤلف للعديد من المقالات حول الطاقة والمرافق العامة وأحد أهم معارضي التحول للطاقة البديلة: “قد تلبي الطاقة المتجددة بعضاً من حجم الاسنهلاك، لكنها لا تستطيع أن تلعب دوراً أساسياً في ذلك، حيث لا يزال على إدارة المرافق الاعتماد على الأساليب التقليدية”.

هل يتم تشويه سمعة الطاقة البديلة؟

يصف غالبية مناصري التحول إلى الطاقة البديلة الانتقادات الموجهة ضدها بأنها غير علمية وبعيدة كل البعد عن المنطق وغايتها تشويه هذه الطاقة إما لمآرب سياسية واقتصادية أو خوفاً من التغيير، وفيما يلي سنورد أهم تبريراتهم:

  • يمكن تفادي عملية رمي نفايات الألواح الشمسية من خلال قيود صارمة تفرضها الدول على إعادة تدويرها، إذ أن المكونات الرئيسية للوحة الكهروضوئية هي السيليكون والألمنيوم والزجاج والنحاس، التي تصنف على أنها نفايات غير خطرة يمكن استعادتها بمعدلات تصل إلى 95% أو أكثر.

  • لا بد للتكاليف الباهظة أن تنخفض مع المستقبل بشكل كبير من خلال الاستمرار بالأبحاث والدراسات في هذا المجال، فقد انخفضت، على مدار العقد الماضي، تكلفة الوحدات الكهروضوئية بنسبة 94% وتوربينات الرياح البرية بنسبة 37% وبطاريات الليثيوم لتخزين الكهرباء بنسبة 85%. ومن المتوقع انخفاض سعر تقنيات تخزين الطاقة البديلة في المستقبل.

  • يمكن للدول أن تقوم باختيار نوع الطاقة البديلة التي يناسبها نظراً إلى تنوع مصادرها. فعلى سبيل المثال، لا يجب وضع ألواح شمسية في مناطق زراعية حيث من الأفضل وضعها في الصحاري.

  • على الرغم من أن محطات الطاقة الشمسية لا تعمل في الليل، كما و الحال في مزارع الرياح عندما لا يكون تهب الرياح. لكن التقدم في تطوير تقنيات تخزين الطاقة وانخفاض التكاليف يجعل من الممكن، في حالة عدم وجود طلب فوري، تخزين الكهرباء المنتجة واستخدامها لاحقاً عندما يحتاجها المستخدم.

يؤكد المدافعون عن الطاقة البديلة أن تكلفة بناء وتشغيل محطات الألواح الشمسية ومزارع الرياح ومحطات المد والجزر والأمواج والطاقة الحرارية الأرضية لتزويد كوكبنا بالطاقة تعد أقل تكلفة من بناء محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم والنفط والغاز الطبيعي.

كما يجد المناصرون أن المساحات الشاسعة من الصحاري غير المستثمرة، التي تتعرض لأشعة الشمس دون انقطاع لأكثر من 300 يوم في السنة يمكن تغطيتها بألواح شمسية. كما تعد المحيطات مكاناً مثالياً لتوربينات الرياح، التي يمكن أن تكون بعيدة بما يكفي عن الساحل حتى لا تزعج أي شخص بضوضائها كما تكون سرعة الرياح هناك منتظمة بشكل أفضل من اليابسة.

ويتساءل مناصرو الطاقة البديلة: إن كان توليد الطاقة البديلة أمر مكلف مادياً، فماذا عن تكلفة مناجم الفحم الجديدة ومحطات توليد الطاقة بالفحم.. إلخ من محطات الوقود الأحفوري؟

دور المصالح السياسة والاقتصادية في التحوّل إلى الطاقة البديلة

سياسياً، لطالما كان البحث عن مصادر الوقود الأحفوري هاجساً لدى الدول وخاصةً العظمى منها.

من ناحية أخرى، هناك من يؤمن أنّ الحرب عكسية، إذ يتم الترويج بشكل مبالغ للطاقة البديلة مقابل الوقود الأحفوري لكي تقل هيمنة الدول التي تتحكم بهذا الوقود!

ويعتقد بعض العاملون في السياسة أنه وبالرغم من تنوع الأسباب الظاهرية للكثير من حروب هذا القرن إلا أن الأسباب الحقيقية تتعلق بالبحث عن مصادر الطاقة التقليدية واستمرار توريدها للدول العظمى.

اقتصادياً، لا يخفى على أحد أنّ القرار الاقتصادي يأثر بشكل كبير على القرار السياسي، لذلك يبدو أن أصحاب شركات الطاقة الكبرى في العديد من دول العالم الأول مثل ألمانيا تحاول توظيف هذا التأثير لمصالحها بمحاربة التحول إلى الطاقة البديلة. فبحسب خبيرة شؤون الطاقة من المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية “دي آي دبليو” كلاوديا كيمفيرت: “تلقى تلك الشركات آذانا صاغية في أوساط السياسيين.. في حين يصعب الأمر على ممثلي الطاقة المتجددة”.

ماذا عن مستقبل الدول النفطية والدول المتقدمة

بدأت العديد من الدول النفطية كالإمارات العربية المتحدة تستعد للانتقال من نظام إنتاج للطاقة المعتمد كلياً على محطات توليد الطاقة من النفط والغاز إلى نظام يستخدم بشكل كبير أنظمة الطاقة البديلة، والتي ستعتمد بشكل أساسي على الطاقة النووية والطاقة الشمسية من أجل تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

بدورها، بدأت البحرين في التحول إلى الطاقة البديلة وتطوير أشكال جديدة ومستدامة لإنتاجها بطريقة مماثلة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

كما تهدف بعض الدول المتقدمة مثل المملكة المتحدة إلى إنشاء مدن تعتمد على الطاقة البديلة بنسبة 100% بحلول عام 2050. ويتم توليد حوالي 43% من الكهرباء في المملكة المتحدة من مصادر الطاقة المتجددة.

وتتربع الصين على عرش الدول الأكثر استثماراً في مجال الطاقة البديلة لعام 2021 بـ 266 مليار دولار تليها الولايات المتحدة الأميركية بـ 14 مليار دولار.

لاشك في أن فجر الطاقة النظيفة لا يزال في ساعاته الأولى، وعلى الرغم من اعتمادنا شبه الكلّي على الوقود الأحفوري، إلا أن جميع سكان الأرض سيتضررون منه بحلول عام 2100، وفق ما أكدته الدراسات.

خلاصة القول، يكمن العائق الوحيد في التحول إلى الطاقة البديلة وجعلها طاقة متممة للوقود الأحفوري في افتقارها إلى مصادر تمويل كافية وتقبل الناس لها.

المصدر: 
يوفيد ( U FEED)