ازدادت حالات اضطراب النوم، الذي يسبب مشكلات صحية وعصبية ويحفز رؤية الكوابيس، انتشاراً بين الناس في سوريا وتركيا، بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في 6 من شباط الماضي.وقال عضو مجلس إدارة الجمعية التركية لطب النوم، الدكتور حكمت فرات، إن ضحايا الزلزالأكثر عرضة من غيرهم لاضطرابات النوم، بسبب القلق المتزايد لديهم، وفق ما نقلت وكالة" لأناضول". وبيّن فرات، "أن الخلود للنوم مع الخوف من الزلزال ليلاً يسبب اضطرابات عصبية سببها عدم تمكن المصابين من الدخول في النوم العميق".
ويعاني المصابون بهذا الاضطراب " من الاستيقاظ بشكل متكرر أثناء الليل، وقلة ساعات النوم، والاستيقاظ في وقت أبكر مما هو متوقع، كما يحفز الخوف لديهم الدماغ على رؤية الكوابيس"، بحسب فرات.
ولم يعد القلق مقتصراً على الناجين من الزلزال، بل انتشر بين الناس في جميع أرجاء البلاد بسبب خوفهم من تكرر الكارثة، فضلاً عن الدور الذي لعبته صور الدمار المنتشرة بكثرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واستمرار ورود أنباء عن حدوث هزات ارتدادية، ما ساهم بازدياد أعداد المصابين باضطراب النوم، وفق ما بيّن الطبيب.
يسبب اضطراب النوم العديد أمراض خطيرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والغدد الصماء وتضخم الغدة الدرقية، فضلاً عن الاكتئاب الناجم عن النوم غير المنتظم.
وقال فرات، إن هذا الاضطراب يسبب كذلك "نوبات قلبية وسكتات دماغية وفشل القلب وضعف الذاكرة وهناك أيضًا دراسات تظهر أن النوم غير المنتظم يسهل تكوين السرطان عن طريق تقليل مقاومة الجسم".
يلعب الدعم النفسي دوراً مهماً في التعامل مع اضطراب النوم، خاصة بالنسبة لأولئك الذين نجوا من الزلزال، أو علقوا تحت الأنقاض لفترات طويلة، وشهدوا وفاة أحد أحبائهم.
وينصح فرات بتناول بعض الأطعمة مثل الحليب واللبن والموز مساءً، لأنها تحفز إفراز هرمون "الميلاتونين" الذي يساعد في عملية النوم.
كما دعا الطبيب إلى التقليل من استهلاك السوائل قبل الذهاب إلى الفراش، وتناول وجبة العشاء قبل 3 إلى 4 ساعات من موعد النوم، وتجنب ممارسة التمارين الرياضية الثقيلة في المساء.
وشدد الطبيب على أهمية الاستيقاظ في ساعات منتظمة، وحذر من الأضواء المنبعثة من الهاتف والتلفزيون في غرفة النوم، موضحاً أن هذا النوع من الأضواء يسبب القلق.
وفي موضوع متصل ازداد الطلب على دواء الدوار الدهليزي في سوريا بنسبة 70 في المئة مقارنة بفترة ما قبل الزلزال، وفق ما كشف رئيس نقابة صيادلة حماة بدري ألفا.
وأكد عدد من الصيادلة ارتفاع الطلب على المهدئات والأدوية المضادة للقلق والخوف.وقال الطبيب النفسي مجيد سلوم، إن "عدد المرضى والمراجعات ازداد بشكل كبير بعد الزلزال، خاصة من يعانون من أعراض الهلع، وأكثرهم من شريحة النساء والأطفال"، لافتاً إلى أن مرضاه القدامى انتكست حالتهم بعد الزلزال.وبيّن سلوم، أن " عدداً كبيراً من الأهالي يشكون من حالة وهم حدوث الزلزال بأعراض دوخة وعدم اتزان وهي حالة يمكن أن تشفى بعد فترة قصيرة".
ولفت سلوم، إلى مساهمة الزلزال في تغيير موقف المجتمع من الطب النفسي، إذ بات العديد من الأهالي يبادرون إلى طلب المساعدة من الاختصاصيين، غير آبهين بما كان يُثار سابقاً من أفكار مغلوطة تُلحق "وصمة عار" بأولئك الذين يراجعون الطبيب النفسي.