كلمة الناشر
قررت اللجنة المكلفة بالإشراف على جائزة دار الفكر السنوية للرواية أن يفوز هذا الكتاب لعام 2007 من بين الروايات المقدمة إليها..
ولقد كثر النقاش حوله أخذاً وردّاً حتى استقر الرأي على اختياره ما بين مؤيد ومعارض؛ ولكل حجته وأسبابه..
الرواية أولاً؛ من العراق وصحراء النفوذ، وهي نغمة جديدة من بين الروايات التي فازت بجائزة الدار منذ عام 1997 حين أُعطيت لشاب من مدينة العيون في صحراء المغرب قدم فيها آنئذ لوحات من الحياة المضطربة للشباب، وهي اليوم لعراقي من السماوة، اختلطت فيها صور العراق برائحة الصحراء وبالعادات والتقاليد.. في ذلك الجزء من عالم العروبة بما فيها من إيجابيات وسلبيات، ومن سمو وشموخ، ومن دناءة وسفاهة.. فهي تقدم جواً من الحياة العربية في جزء من بلاد العرب، ربما يجهله كثير من جيل اليوم.
والرواية ثانياً؛ تلوين في سلسلة الروايات الفائزة؛ التي تنوعت فيها الموضوعات مثلما تنوعت فيها الأعمار والبلدان وأجناس الكتاب ونوع المعالجة.
والرواية ثالثاً؛ تأتي في زمن الاضطراب والفوضى في العراق الجريح، زمن اجتاح الهدوء ضجيجُ الحياة الحديثة، حتى الصحراء الآمنة افتقدت السكينة والصفاء فنزلت عليها الحمم وضاع استقرارها.
وإذ تفخر دار الفكر بتقديم هذه التشكيلة المتنوعة من الروايات في عمر الجائزة، بما فيها من فكر ووجدان واستبطانات فلن يهمها ناس متبرمون على الدوام لا يعجبهم إلا نوع معيَّن من الروايات التي يحبون أن تكون ذات طابع خاص في الشكل والمضمون تعالج موضوعات مفضوحة مكشوفة، بلغةٍ فيها ما فيها.
هناك مقاييس أخرى يحق للدار أن تفخر بها في رواياتها، وهي أن عدداً منها طبع أكثر من مرة في مدة وجيزة، على الرغم من افتقاد الناشر للتطبيل والتزمير.
إن دار الفكر لا تألو جهدها لتقديم ما ينفع، فإن كان خلاف ما ترجو فيكفيها أنها اجتهدت إليه.
دار الفكر
يتناول رواية وقعت أحداثها في صحراء النفوذ، ويصف أماكنها وأنواءها، وسحرها وجمالها ولا سيما بعد هطول المطر عليها وإشراق الشمس فيها، ويصف حياة أهليها البدو وأصول معيشتهم.
ويعمل البطل في شركة نفط يقوم الحاج إسماعيل بشراء ما تحتاجه الشركة من السوق وإرساله بالسيارات إليها في الصحراء.
وفي إحدى السفرات مرض البطل مبدر ومرضته شيخة بدوية وآنسه ابنها ورعياه، واستبقياه عندهما ريثما يتماثل للشفاء، وتنظر إليه ابنته بإعجاب، وتأتي سيارة الشركة لتعيده معها إلى النجف والسائق ومعاونه سكيران عربيدان يضلان الطريق، ويموتان فيدفنهما البطل، ويتحمل آلام الضياع في الصحراء، الذي يحاول الحياة فيها بزراعتها واكتشاف الماء فيها بفضل الدجاج الذي معه.
وتفاجئه بدوية هاربة من أهلها وحبيبها الذي فقدته في الصحراء، ويفاجأ أنها ابنة الشيخ الذي رعاه في مرضه هو وأمه فيعيشان معاً سنوات حياة ملؤها الشرف والعفة، ويتأقلمان مع جو الصحراء الذي يعيشان فيه، ومع مزرعتهما التي أحدثتها الحاجة إلى استمرار الحياة.
وتكتشفهما طيارة سعودية تنقلهما إلى السعودية ثم العراق، ويقرران الزواج، ويجري اتصال عشائري بأهلها فيرضون عنها، وتتم سعادة الزواج، غير أن ابن عمها خطيبها الذي فرت منه يقدم مع جماعة من المسلحين فيقيدون البطل واثنين من أهله ويذبحون الزوجة أمام عينيه ويفران دون أن يستطيع أحد اللحاق بهما، ضمن أحداث قاسية وآمال متجددة بالحياة.