أولاً: مع العنوان..تأخذنا العناوين؛ عناوين الكتب أو المقالات او الرسائل.. في رحلات سريعة، تلقائية، ترافقها استدعاءات مختلفة.. فمنها ما يجدد ذكرى، ومنها ما يبني أملاً، ومنها ما يرسم أفقاً.. وغيرها كثير يصعب حصره..!ويحرص المؤلف غالباً، والناشر دائماً، على توليف عنوانٕ معبِّرٕ، يحقق له أمرين رئيسين على الأقل، أن يخترق زحمة ذهن القارئ، ويدفعه إلى الالتفات والاهتمام والتركيز..! وأن يسحبه معه في المدى الذي يريده.. كأن يوافق توقعه.. أو يعاكسه، يجيب عن تساؤلِه أو يزيدُه أسئلة إضافية..إلخ..!!لكن عبقرية د. ماجد عرسان الكيلاني، في توليف عنوان كتابه الذي نتشرف بتقديم طبعته الجديدة، قد تجاوزت كل ذلك وجعلته أشبه بالنمطي، والمعتاد، ليقدم لنا صيغة إبداعية مبتكرة، عزَّ نظيرها في عناوين الكتب.. بل إن كثيراً من الناشرين قد يتحفظون عليها أيضاً.
ففي جملتين، تبدأ كلتاهما بحرف حمّال أوجه، "هكذا..!!" يطلق الكيلاني عنان الخيال، متجاوزاً ثنائية "الالتفات والسحب"، إلى خرائط من الاستدعاءات والتَنَبُّهات والافتراضات.. بل والأسئلة والإجابات معاً..!!على نحو يذكرنا بوصف امرئ القيس المبدع، لجواده الخالد الذكر، كمعلقته:
مِكَرٍّ مفرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معًا
كجلمودِ صخْر حطه السيل من علِ
فعند تحليل النمذجة المتعلقة بالمؤلف والكتاب، نجد د. الكيلاني يعتمد منهجية إبداعية خاصة، متصلة في التفكير والتأليف والتوجيه، ومنها:
المصطلحية الخاصة، والآليات، والتمرحل، والنمذجة..إلخ
ولذلك، قد يكون ضرورياً أن يُقْرَأَ النتاج الكيلاني بكُلِّيَّته، ويفهم بهذا المنظور ليس إلا.. حيث لألفاظه خصوصيتها المتسقة مع موسوعيته وخاصة التاريخية- التربوية- الحضارية بحكم تخصصاته المنبثقة من منهجيته الشاملة بحكم شخصيته وعلمه وخبراته.
يمكننا أن ننظر ببعض التركيز في هذا الكتاب "الفريد بحقٕ" لنرى أن عنوانه هو بحد ذاته، يمثِّل مفتاحاً للفهم، مرتبطاً بالمنهجية، التي سيدرج عليها في الكتاب، وستشكل هوية وبصمة خاصة به، وعلامة فارقة على مدى الأجيال..
فقد جعلَ عنوانَ الكتابِ في سطرين:
يمثل أولهما: هكذا ظهر جيل صلاح الدين..! الـ "من"؟ أي من قام بالفعل؟ وهل هو شخص أسطوري؟ أم كينونة جماعية مستعدة؟ أم ماذا؟
ويمثل الثاني: وهكذا عادت القدس..! الـ "آلية" والـ"طريقة"؟ أي ماذا فعل هؤلاء؟ وكيف تمكنوا من الإنجاز؟ وهل هو خاص بهم فقط؟
واستخدم حرف "هكذا" ابتداء.. وبذلك أعطاها فرصة لتكون جواباً لسؤالٕ مُضْمَرٍ، وله عدةُ احتمالاتٍ أيضاً.. أولها يبدو بدهياً "كيف عادت القدس؟" قد يتبادر تلقائياً لو كان اكتفى المؤلف بالسطر الثاني..!!
لكنه بادرنا باللافتات الثلاث الأولى، جذباً للانتباه والتركيز، وهي غير متوقعة ولا تلقائية....
فبدءاً من اللافتة الأولى "هكذا ظهر.." والثانية "جيل".. والثالثة "صلاح الدين"..
إذن هناك خطابٌ متعددُ الأبعادِ والخلفياتِ والمجالات، يدخل من الرؤيوي-التربوي- الاجتماعي، ويتابع إلى السياسي الرمزي (الأسطوري)، ويخاطب جمهور الأمة، والقرّاء كلهم، مستدرجاً انتباههم في جملة قصيرة جزلة بليغة من السهل الممتنع..
وكأنه يشكك بسرديات الشخصنة الأسطورية، التي ملأت الفضاء الثقافي، قبل كتابِه، ولا يترك القارئ بعد هذا الجذب حتى يأخذ ببؤرته نحو عين العاصفة، مكثفاً تركيزه، ومؤكداً الاستنتاجات التي اعتملت في ضمير القارئ، حيث يتبعها بجملة الحسم: وهكذا عادت القدس..!! لتكون بمثابة خلاصة لثلاثية جمل المنطق الأساسية:
• مقدمة-1- كل انتصار كبير له إعداد سابق مناسب
• مقدمة-2- تحرير القدس انتصار كبير
نتيجة = تحرير القدس له إعداد سابق له مناسب
لكن عبقرية الصياغة الكيلانية، جعلت "هكذا" المكررة، إجابة عن أربعة أمور متسقة مع الـ "مَنْ" و"الطريقة":
١) ليس.. (كما تظنون)
٢) وإنما.. (بحقائق ووقائع)
٣) وهذه.. (طريقتها وآلياتها ومراحلها..)
٤) ويمكن أن.. (نمذجتها للتكييف والتنزيل في السياقات)
هكذا ظهر..
١) ليس.. (كما تظنون)
ابتدأ بفكِّ الارتباط مع الأسطورية المشخصنة برمزية البطل (صلاح الدين)، ومركزتِها حولَه وجوداً وعدماً. وبالتالي فكَّ الارتباط مع "النموذج التاريخي المثالي صانع المعجزات"..!!..إلخ.
٢) وإنما.. (بحقائق ووقائع)
وهو هنا، يرد الاعتبار للبناء السياقي، والواقعية في فهم الشخصيات، وحركتها في مسرح الواقع، والإعداد والتمرحل والتراكم وظروفه، وتكوين خبرتها وإنجازها، بتفاعل التجربة وتوالي النجاح والإخفاق..إلخ.
وبالتالي ردّ الاعتبار في التعامل مع المعطيات، المحسوسة وغير المحسوسة، كالبناء العقدي، وتعزيز المعنويات، وبناء اللحمة النفسية، وإعداد الأجيال من الصغر، وإرساء وقفيات العلم والعلماء لتأمين محاضن الأطفال والشباب وتربيتهم..إلخ.
وهكذا عادت..
٣) وهذه.. (طريقتها وآلياتها ومراحلها..)
وهنا نجد د. كيلاني يرد الاعتبار إلى التصور الشمولي لصناعة التغيير، وهو ما نسميه الآن بـ: التغيير البنيوي الشامل والتكاملي
وفيه كتابات كثيرة معمقة في مختلف مجالاته وتمثلاته، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية..إلخ.
٤) وهكذا يمكن نمذجتها للتكييف والتنزيل في السياقات المعاصرة والمستقبلية
فيتصدى هنا إلى:
- كيفية تحويل هذا الفهم التراكبي، من حيثيات واقع تاريخي،
إلى مفهوم تخطيطي، توجيهي، تربوي، تدريبي، تطبيقي؟
- ثم كيف يمكن نمذجته ليحمل قابلية التكيف بكل زمان ومكان وسياق؟
بل وإمكانية تحويل نموذجه، إلى قابليات متعددة المقاسات والأحوال، لصناعة القادة الرواحل، ذوي الوعي الشمولي، والقدرة على التخطيط والإعداد، والجدارة في التوجيه والتحفيز والعمل، وصولاً الى الإنجاز..
ويتأتى ذلك من خلال إنتاج مادةٍ معرفيةٍ بمنظورٍ تخصصيٍّ، لمخرجاتِ التخصصات والمجالات المختلفة: Profession Output Paradigms
وبالتالي يحرك ويبلور سؤال الإعدادِ القياديِّ المتجدِّدِ، ليكون حول كيفية تحويل كل مجالٍ حيويٍّ إلى رافعةٍ ثلاثيةِ الأبعاد:
١- المجال الحيوي: وهو ما يتعلق بالمهنة والقطاع.
٢- النطاق الحيوي: وهو ما يتعلق بالسياق الزمنكاني، المجتمع والوطن والأمة والعالم، والفترة الزمنية، والمدة المخطط لها وأهدافها..
٣- الناتج الحيوي: الرضا والمرضاة والإرضاء، لتحقيق مآلات الاستخلاف القائمة على التوحيد والتزكية والعمران.
ثانياً: مع المنهج والمحتوى
يمكننا القول بكل ثقة، ودون أي مبالغة، إن د. كيلاني، لم يكن باحثاً تربويّاً أكاديمياً نمطيّاً تقليديّاً، بل كان صاحب مدرسة تغوص في أعماق العلوم والتاريخ والسياقات، ليستخرج من مكنوناتها نماذجَ مميزةً، يدرُسُها بطريقة منهجية، ويستخرجُ من سِيَرِها وحَيَواتِها وإنجازاتِها، رؤىً مستقبليةً، عاشت همومَ الواقع، وسبلَ التغييرِ المنشود.. فكانت معالمَ مشرقةً في واقعها، ومناراتٍ ملهمةً في تاريخِنا..
فهو: قارئ مستقبليات في أعماق التاريخ، ومستخرج قواعد وضوابط، من ثنايا ممارسات ومعاملات..، أرأيت..؟، مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبلٍ مُدبرٍ مَعاً..!!.
لكنه لا يقدم استنتاجاته، على تركيبتها البالغة حدّ التعقيد، بكلام أكاديمي أو بقوالب بحثية نمطية..!
وإنما بِلُغَةٍ بليغَةٍ، تبدو صارمةً محدَّدة، لكنه يحملها لنا بأساليب سردية شبه روائية، تتسلل الى أعماق الوجدانِ الصَّدِئ فتُسَخِّنَه، وتعمل على تليين رتيبه، وتجهيزه للانفكاك عن تكلسه التراكمي، وتتمكن بسلاسةٍ وتبصرةٍ، من افتتاح مجرىً جديدٍ في عقلِ القارئ، فيضخُ لترويتِه، دماً حاراً متدفقاً بأفكارٍ وتحليلاتٍ موقظةٍ، ومحمَّلاً بأحاسيسَ ومشاعرَ جياشةٍ، ليتكامل الإقناعُ، والإعداد للإقلاع، بجناحين:
1- جناح التحليل العقلي والمنطقي، مع سرد وقائعي، وتثبُّت تاريخي دقيق.
2- وجناح الوعي بالقيم والمعاني والمفاهيم، ومضمونها الرؤيوي، لمآلات منشودة، والالتزام بها، والسعي لإعادة إنتاجها في الواقع المعاصر..
وتشكل هذه المسارات المستحدثة، في العقل والفكر والوجدان والعمل، نسيجاً جديداً، كمنظومة قواعد جديدة للنظر في كل الأمور، وإيلاء الأمور حقها ووزنها وسياقها ومرحلتها وناتجها ومخرجاتها.. بتفكير متزن، وخطوات مدروسة، وأداء محسوب، بل وقابل للقياس.
ولا يقف الكيلاني عندَ حدِّ السَّرْدِ والاستنتاجِ والربطِ واستخراجِ النماذج، فهذا وَحْدَهُ لا يُلبِي رؤيتَه النهوضِيَّة، فنجدُهُ يعمدُ الى عصارةٍ تشكلُ محدداتٍ لإعادةِ إنتاجِ تركيبةِ النصرِ، خارجَ إطارِ السياقِ التاريخي، بل يكادُ يصرحُ بصلاحيتِها لكلِّ زمانٍ.. وربما لكلِّ مكان..!!
وهنا يأتي دورُ القوانينِ التي ستشكلُ خلاصةَ المنظومةِ كلها، وعصارةَ الرؤى والتصوراتِ، والمراحلِ، والنماذجِ، والنتائجِ.. فلا يبرحُنا، إلا وقد اطمأنَّ أنه أطرها أمامنا في ثلاثة عشرَ قانوناً حاسماً، وحاكماً، ومعياراً ضابطاً.
فلعله أراد التأكيدَ على ما بثّهُ في ثنايا الكتابِ ومحاورِهِ ومحطاتِه، وخَشِيَ أن يخفَّ وَهَجُهُ، أو أن تعاودَ القارئَ نزعتُهُ العاطفية وانفعالُهُ، فتنسيه القواعدَ الحاكمةَ والناظمة، لذلك جمعها وختم بها، لتكون بمثابةِ قالبٍ نموذجيٍTemplate للمبتدئ، أو بمثابة مصفاةٍ Filter لمن اختلطت عليه الأمور.
يتوافقُ كل من قرأ ودَرَس ودرَّس هذا الكتاب، أنه لا ينبغي الاكتفاء بقراءة سريعة أو خفيفة له، ولا ينبغي بالمقابل اعتباره كتاباً مرجعياً يصطف على أرفف المكتبات إلى جانب كتب ضخمة أخرى، بل هو على حقيقته، بمثابة وصفة تمزج استنتاجات العلم والخبرة المجرَّبة، مع نصيحة الرأي الأمين والحكمة الرشيدة والرؤية المستبشرة..!!.
فهو أشبه بخريطة طريق تدريبي - توجيهي:
كيف يُقرأ الحدث التاريخي في سياقه وفواعله وتأثراته ومخرجاته؟
ما هي حقائق إنتاجه في سياقه التاريخي، ومراحل وأدوات ذلك؟
ما هي العبر والدروس والفوائد الدلاليّة منه؟
وكيف يمكننا تحويله الى مخرجات توجيهية مستقبلية، خارج حاجزها التاريخي؟
وكيف يمكننا توظيفها في أمد الصراع المعاصر، الذي تواجهه الأمة في معارك وحصارات واستلابات متعددة، طالت العقل والوجدان، إلى جانب الأرض والبنيان، وبات المسجد الأقصى وفلسطين، بمثابة التمثيل الواقعي، والمؤشر الحقيقي، والحالة الرمزية لها..!؟
ثالثاً: جدلية الماضي والمستقبل، والإصلاحي والثوري، في خلطة المؤرخ الرؤيوي، والتربوي المنهجي
تخبرنا سيرة د. الكيلاني، أنه كان مزدوج الاختصاص، فقد وزع اهتمامه العلمي، وتركيزه في تحصيله، موازياً وموازناً، بين مجالين أساسيين، هما التاريخ والتربية.
كما أنه تنقل في دراساته تلك، بين جامعات مختلفة، لغة وعلماً ومنهجاً ومشرباً واتجاهاً..!
فنحن من الناحية العلمية-الأكاديمية، أمام شخصيتين معاً، تعتمران قبعتين، إحداهما فوق الأخرى.
كما أنه كان شديدَ الاهتمامِ حدَّ التعلق، بالدراسة الحثيثة، لأسباب التراجع الذي أصاب الأمة، وسبل استعادة المبادرة للنهوض الحضاري من جديد.
وبالتالي بتنا أمام سيرة علمية، تحاول أن تجد الخيط الرفيع، الذي يربط السيرورة (تاريخاً وواقعاً)، بالصيرورة (استعداداً وتربية واستنهاضاً).
ولقد كثف بحثه حتى اطمأن أنه قد وجده، وركز أبحاثه حوله، إنه التربية بمنظورٍ محددٍ، وباستهدافٍ مرتبطٍ بالتوجه المستقبلي، الفاعل، والمواجه، والصانع للتغيير، فاعتنقها هوية شخصية له، تُقدِّمُ باستمرارٍ، استشرافاً حضارياً، بعين مؤرخٍ، وقلبِ تربويٍ.
من هنا أصدر عشرات الأبحاث والكتابات، وأوراق العمل والمشاركات في الندوات والمؤتمرات، إضافة إلى الكتب والكتيبات، مكرساً بعناية وأناة ومثابرة، أطروحاته التي تعيد رسم معاني التربية الإسلامية المنشودة، في منهجها، وتوجهها، وآثارها على الفرد والمجتمع والدولة والأمة، وفي أهميتها في الصراع مع الأعداء، وفي تحصين البنيان المجتمعي، وفي فلترة العبث القيمي والثقافي والأخلاقي..إلخ.
وليس عجيباً أن حصل الكيلاني على جائزة الفارابي الدولية في دورتها الأولى عن كتابه "فلسفة التربية الإسلامية، دراسة مقارنة بين فلسفة التربية الإسلامية والفلسفات التربوية المعاصرة".
بل إن لجنة الجائزة وصفت كتابه بأنه:
«دراسة علمية لم يصدر مثلها منذ 800 عام في العلوم الإسلامية، ذلك إنها وضعت الأساس العلمي والتربوي لبناء نظم تعليمية لها طابع مميز، ويبرز العطاء الإنساني والتطور الراقي الذي تقدمه الرسالة الإسلامية للعالم في العصر الحديث الذي تنهار فيه النظم التربوية، وتبرز الحاجة إلى أنظمة بديلة.
ويمكننا القول بهذا المعنى، إن كتابات د. الكيلاني الأكاديمية، تلبست ثوب "التربية" باستمرار، لكنه ثوب ذو طبقات وبطانة، تشبه مسيرته العلمية تماماً..!
فطبقاته حيثيات وتحديات ومواجهات تربوية، معاصرة ومستقبلية، أما بطانته فتاريخ وتراث، ومبادئ وقيم، وتوجيهات دينية أصيلة، تناسب أن تكون، "البطانة الصالحة"، التي تلامس لابسها، وتلعب دور الناقل والمترجم لما في وجدانها الى ما في واقعه.
رابعاً: مع أثر الكتاب، والبصمة الحضارية، في وجدان الأجيال
على كثرة ما كتب ونشر في هذا المجال، مجال الكتابات التاريخية حول حقبة الاحتلال الفرنجي (الصليبي) من آخر ق11م-14م، لساحل المشرق. وكذلك الكتابات التاريخية والتوثيقية والتحليلية، حول الصراعات والمتغيرات، التي دارت على مدى تلك الحقبة، ثم مرحلة نور الدين زنكي (ت569هـ= 1174م) ، وصلاح الدين (ت589هـ=1193م) تحديداً، وصولاً الى تحرير القدس (583هـ= 1187م)، في عهد صلاح الدين، رحمه الله.
وسط -ط - القبة الاحتلال الفرنجي (الصليبي) لسال المشرق (للبحر المتوسط - التربية، كالتالي:
سها، وتلعب دور الناقل هو كَمٌّ كثيرٌ فعلاً، إلا أن كتاب د. ماجد عرسان الكيلاني "المؤرخ-التربوي" هنا، والكتاب شبه الوحيد في المجال التاريخي بين مؤلفاته، "هكذا ظهر جيل صلاح الدين، وهكذا عادت القدس" قد شكل بحق، منارة فريدة، ومَعْلَماً بِحَدِّ ذاتِه، لم يسبِقْه الى أسلوبه أحد، ولم يتمكن من تقليده أحد، فهو نسيجُ وحدِه، وهو يستحق أن نعتبره بهذا المعنى، كتاب العصر في موضوعه ومجاله، لفرادته، ولِما أراد له مؤلفه أن يكون كتاب أمثولة الإعداد لجيل النصر في كل العصور.
تكاد طبعاته الرسمية المحدودة، تئن من كثرة استنساخها، بما لا يمكننا إحصاؤه، من طبعات وترجمات وملخصات.. وبات منهجا يدرس حول العالم. ولا تكاد تخلو منه مكتبة إسلامية أو تاريخية أو تربوية أو عسكرية، عامة أو خاصة، مؤسسية أو شخصية.
كما أن صفحات الشابكة الإلكترونية، تعج بالاقتباسات منه والإحالات عليه، والاستشهاد به، على نحو يؤكد أنه، بإذن الله، من العمل الصالح النافع، الذي يدخل في باب الأجر الموصول المستدام، حيث نجد كتبه كلها بمثابة صدقة جارية، فهي تحمل العلم النافع، ويسعى ولده د. محمد ويحرص على تجديدها ونشرها بحلل قشيبة، تليق بها وبمؤلفها، والده رحمه الله.
{فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً * وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد: 13/17].