ليس من الإسلام * (وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء: 21/107].هل يمكن لرحمة العالمين، أن تقتل الأبرياء خبط عشواء، وتنشر فيهم الذعر والدمار؟* (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ) [آل عمران:3/110].هل يمكن لمن يخاطب الناس بلغة القنابل والمتفجرات والأحزمة الناسفة؛ أن يكون خير أمة أخرجت للناس؟!
* (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:16/125].
ما النتائج التي سيجنيها الدعاة إلى سبيل ربهم؛ عندما تتحول الحكمة عندهم إلى قنبلة، والموعظة إلى متفجرة، والمجادلة بالتي هي أحسن إلى مجاهرة بالعداء؟!
* (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [التوبة:9/6].
هل يمكن لمن يغدر بالسياح، ويفجر فيهم العبوات الناسفة ليعيدهم جثثاً هامدة إلى مأمنهم، أن يكون بذلك قد أسمعهم كلام الله؛ وأبلغهم دعوة الإسلام؛ دعوة الخير والسلام؟!
* (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [المائدة:5/8].
العدل في القرآن الكريم قيمة إنسانية مطلقة؛ فلا يجوز للمسلم أن يكون عادلاً في قومه، ظالماً في غيرهم، حتى لو كان مبغضاً لهم..
* وكذلك سائر القيم: (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) [الرحمن: 55/9].
(وَإِمّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً) [الإسراء:17/28].
وبهذه القيم الإنسانية المطلقة، فُتحت أندونيسيا أكبر دولة إسلامية في شرقي آسيا، على أيدي المهاجرين اليمنيين الذين جاؤوها تجاراً؛ لفتوا أنظار أهلها بقيمهم وحسن تعاملهم، فغدوا بتجارتهم دعاةً فاتحين، وقدوة حسنةً أسرعت إليها قلوب الناس!!
***
* (وَكَذَلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُـــــهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُــــــــــــــولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [ البقرة:2/143].
الوسطية والاعتدال: هما السِّمتان الرئيسيتان اللتان امتاز بهما الإسلام، وبهما، لا بالإكراه والعنف؛ ذاع وانتشر في كل بقاع الأرض، وكل عنفٍ وإكراهٍ يمارَس باسمه، هو غريب عنه وهو بريء منه (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) [البقرة:2/256] (وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران:3/159].
*كل المنظمات والجماعات التي قامت؛ تحمل اسم الإسلام وتتجاهل قيمه وأهدافه؛ ليست من الإسلام، بل إنها خارجة عليه، تخدم أعداءه، من حيث تعلم أو لا تعلم، إن لم تكن صنيعة لهم..
كلها فقاعات طارئة، لن تلبث أن تزول وتندثر، كما اندثرت من قبلها فرق الحشيشية والحشاشين، ويبقى الإسلام الحقُّ؛ مرفوع الراية ناصع الجبين.
***
إن من فضل الله على المسلمين، أن المتطرفين، لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة فيهم، ينأى عنها معظم الناس.. وأن مفهوم الجهاد في الإسلام واضح في أذهان المسلمين؛ مارسوه ضد كل عدوان خارجي عليهم، وفي كل ثوراتهم الحديثة ضد الاستعمار.. وأن الإرهاب والحركات الإرهابية هي صورة مشوهة للجهاد؛ شجعتها أميركا في أفغانستان ثم انقلبت عليها.. وأن عدم انضباطها بأحكام الجهاد، أفرز ممارساتٍ خاطئةً:
المخدرات، استباحة الأرواح والممتلكات، النشل والسرقات، الترويع والتفجيرات.. ذلك كله: ليس من الإسلام!!
من سلسلة التغيير للأستاذ محمد عدنان سالم